اسم الکتاب : مقاتل الطالبيين المؤلف : ابو الفرج الإصفهاني الجزء : 1 صفحة : 291
أظهر. و انتهيت إليه في اليوم الثالث عند صلاة الفجر، فلما رآني بكيت و وثب إليّ و سيفه بيده فقال لي: مه، ما وراءك يا أبا عبد اللّه؟و ما يبكيك؟و ما خلفك؟ قلت: الخير، قال: ما مع البكاء خير، فأخبرته بما لقيته من المسالح، و الأيمان، فقال لي: أ هذا الذي أبكاك؟قلت نعم، قال: يا أبا عبد اللّه أمسك عليك أهلك، و مالك، و مملوكك، فإذا لقيت اللّه-عز و جلّ-غدا فقل: إن إبراهيم بن عبد اللّه أمرني بالمقام على ذلك الوفاء، و اللّه لهم بأيمانهم كفر.
حدثنا محمد بن العباس اليزيدي [1] على سبيل المذاكرة، قال: حدثني عمي، عن أبيه، عن جده أبي محمد اليزيدي-فيما أرى-، قال:
كان إبراهيم بن عبد اللّه جالسا ذات يوم فسأل عن رجل من أصحابه، فقال له بعض من حضر: هو عليل و الساعة تركته يريد أن يموت، فضحك القوم منه، فقال إبراهيم: و اللّه لقد ضحكتم منها عربية، قال اللّه عزّ و جلّ:
فَوَجَدََا فِيهََا جِدََاراً يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقََامَهُ[2] يعني يكاد أن ينقض.
قال: فوثب أبو عمرو بن العلاء [3] فقبل رأسه، و قال: لا نزال و اللّه بخير ما دام مثلك فينا.
حدثنا أحمد بن عبيد اللّه [4] بن محمد بن عمّار الثقفي، قال: حدثني علي ابن محمد النّوفلي، عن أبيه، محمد بن سليمان:
أنّ إبراهيم بن عبد اللّه نزل على المفضّل الضبّي في وقت استتاره-قال:
و كان المفضل زيديا-فقال له إبراهيم: ائتني بشيء من كتبك أنظر فيه، فإن
[1] في ط و ق «البريدي» و اليزيدي نسبة إلى يزيد بن منصور الحميري، كان محمد إماما في النحو و الأدب و نقل النوادر و كلام العرب، و قد استدعاه المقتد باللّه إلى تعليم أولاده فلزمهم مدة. و توفي يوم الأحد أول الليل لاثنتي عشرة ليلة بقيت من جمادي الآخرة سنة عشرة و ثلاثمائة، و عمره اثنتان و ثمانون سنة و ثلاثة أشهر، راجع ابن خلكان 1/502 و بغية الوعاة 1/50، و تاريخ بغداد 3/113.