اسم الکتاب : المنتظم في تاريخ الأمم و الملوك المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 9 صفحة : 95
بنفسه على البساط، و جعل يتقلب عليه و يقول: يا بني نصحت أباك. فقلت في نفسي:
كأنه ابنه، ثم جلس و جاءوا بالماء، فمسحوا وجهه، و قال: كيف عرفته؟ قال: فقصصت عليه قصته.
قال: فبكى و قال: هذا أول مولود لي، و كان أبي المهدي ذكر لي زبيدة أن يزوجني بها [1]، فبصرت بهذه [2] المرأة فوقعت في قلبي، و كانت خسيسة فتزوجتها سرا من أبي، فأولدتها هذا المولود، و أحدرتها إلى البصرة [و أعطيتها] [3] هذا الخاتم و أشياء، و قلت لها [4]: اكتمي نفسك، فإذا بلغك أني قعدت للخلافة فأتيني، فلما قعدت للخلافة سألت عنهما فقيل [لي انهما] [5] ماتا، و لم أعلم أنه باق، فأين دفنته؟
قلت: يا أمير المؤمنين دفنته في قبور عبد اللَّه بن مالك./ قال: لي إليك حاجة، إذا كان بعد المغرب فقف لي بالباب حتى أنزل [6] إليك [فأخرج] [7] متنكرا إلى قبره.
فوقفت له، فخرج متنكرا و الخدم حوله حتى وضع يديه بيدي، و صاح بالخدم فتنحوا، فجئت به إلى قبره، فما زال ليلته يبكي إلى أن أصبح و يداه و رأسه و لحيته على قبره [و جعل] [8] يقول: يا بني، لقد نصحت أباك. قال: فجعلت أبكي لبكائه رحمة مني له، ثم سمع كلاما فقال: كأني أسمع كلام الناس. قلت: أجل أصبحت يا أمير المؤمنين، قد طلع الفجر. فقال لي: قد أمرت لك بعشرة آلاف درهم، و اكتب عيالك مع عيالي، فإن لك عليّ حقا بدفنك ولدي، و إن أنا مت أوصيت: من يكون من بعدي أن يجري عليك ما بقي لك عقب، ثم أخذ بيدي حتى إذا بلغ قريبا من القصر [و يده بيدي، فلما صار إلى القصر] [9] قال: انظر ما أوصيك به إذا طلعت الشمس، فقف لي حتى