اسم الکتاب : المنتظم في تاريخ الأمم و الملوك المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 9 صفحة : 94
فاستدللت على بيته فأتيته، فاستأذنت عليه فدخلت و هو مبطون، و ليس في بيته شيء إلا ذلك المزود [1] و الزنبيل، فسلّمت عليه و قلت له: لي إليك حاجة، و تعرف فضل إدخال السرور على المؤمن أحب لما جئت إلى بيتي أمرضك. قال: و تحب ذلك؟ قلت: نعم.
قال: بشرائط ثلاث. قلت: نعم. قال: أن لا تعرض عليّ طعاما حتى أسألك، و إذا أنا مت أن [2] تدفني في كسائي و جبتي هذه. قلت: نعم. قال: و الثالثة أشد منهما، و هي شديدة، قلت: و إن كان. فحملته إلى منزلي عند الظهر، فلما كان من [3] الغد ناداني يا عبد اللَّه [فقلت: ما شأنك. قال] [4] قد احتضرت، افتح صرّة على كم جبتي. قال:
ففتحتها فإذا فيها خاتم عليه فصّ أحمر، فقال: إذا أنا مت و دفنتني فخذ هذا الخاتم، ثم ادفعه إلى هارون [الرشيد] [5] أمير المؤمنين، فقل له: يقول لك صاحب هذا الخاتم:
ويحك! لا تموتن على سكرتك هذه فإنك إن مت على سكرتك هذه ندمت. قال: فلما دفنته سألت [6] يوم خروج هارون الرشيد [7] أمير المؤمنين، و كتبت قصة، و تعرضت له و أوذيت أذى شديدا، فلما دخل قصره و قرأ القصة و قال: عليّ بصاحب هذه القصة.
قال: فأدخلت عليه و هو مغضب يقول: يتعرضون لنا و يفعلون. فلما رأيت غضبه/ أخرجت الخاتم، فلما نظر إلى الخاتم قال: من أين لك هذا [الخاتم] [8] قلت: دفعه إليّ رجل طيّان. فقال لي: طيّان طيّان، و قرّبني منه. فقلت: يا أمير المؤمنين إنه أوصاني بوصية. فقال [9] لي: ويحك! قل. فقلت: يا أمير المؤمنين إنه أوصاني إذا أوصلت إليك هذا الخاتم أن أقول لك يقرئك صاحب هذا الخاتم السلام و يقول لك: ويحك لا تموتن على سكرتك هذه فإنك إن مت عليها ندمت. فقام على رجليه قائما و ضرب