اسم الکتاب : المنتظم في تاريخ الأمم و الملوك المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 9 صفحة : 46
ثم دخلت سنة ثمانين و مائة
فمن الحوادث فيها:
عود الفتنة بالشام، فاقتتل أهلها، و تفاقم الأمر، فاغتم بذلك الرشيد [1]، و عقد لجعفر بن يحيى على الشام، و قال له: إما أن تخرج أنت أو أنا. فقال له جعفر: بل أقيك [2] بنفسي. فشخص [3] في جلة القوّاد و الكراع و السلاح، و أتاهم فأصلح بينهم، و قتل المناصفية منهم و لم يدع بها رمحا و لا فرسا، فعادوا إلى الأمن و الطمأنينة، و انطفأت/ تلك الثائرة، و ولى جعفر بن يحيى صالح بن سليمان البلقاء و ما يليها، و استخلف على الشام عيسى بن العتكيّ، و انصرف فازداد الرشيد له إكراما، فلما قدم دخل على الرشيد فقبّل يديه و رجليه، و قال: الحمد للَّه الّذي آنس وحشتي و أنسأ في أجلي حتى أراني وجه سيدي و أكرمني بقربة، و ردني إلى خدمته، فو اللَّه إن كنت لأذكر غيبتي، و المقادير التي أزعجتني، فأعلم أنها كانت بمعاص لحقتني، و لو طال مقامي لخفت أن يذهب عقلي إشفاقا على قربك و أسفا على فراقك [4].
و في هذه السنة: كانت زلزلة بمصر و نواحيها، و سقطت رأس منارة الاسكندرية فيها [5].