اسم الکتاب : المنتظم في تاريخ الأمم و الملوك المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 9 صفحة : 205
المنذر- و كان جارا لعبد اللَّه بن إدريس- قال: حج الرشيد و معه الأمين و المأمون، فدخل الكوفة، فقال لأبي يوسف: قل للمحدثين يأتونا فيحدثونا. فلم يتخلف عنه من شيوخ أهل الكوفة إلا اثنان: عبد اللَّه بن إدريس، و عيسى بن يونس، فركب الأمين و المأمون إلى عبد اللَّه بن إدريس فحدثهما بمائة حديث، فقال المأمون لعبد اللَّه: يا عم، أ تأذن لي أن أعيدها عليك من حفظي؟ قال: افعل. فأعادها كما سمعها، و كان ابن إدريس من أهل الحفظ يقول: لو لا أني أخشى أن ينفلت مني القرآن لدونت [1] العلم. فعجب عبد اللَّه من حفظ المأمون. و قال المأمون: يا عم، إلى جانب مسجدك دار، إن أردت اشتريناها و وسعنا بها المسجد. فقال: ما لي إلى هذا حاجة، قد أجزى من كان قبلي و هو يجزيني. فنظر إلى قرح في ذراع الشيخ، فقال: إن معنا أطباء و أدوية، أ تأذن لي أن أجيئك بمن يعالجك؟ قال: لا، قد ظهر بي مثل هذا و برأ. فأمر له بمال فأبى أن يقبله.
و صار إلى عيسى/ بن يونس فحدثه، فأمر له المأمون بعشرة آلاف درهم، فأبى أن يقبلها، فظن أنه استقلها، فأمر له بعشرين ألفا، فقال عيسى: و اللَّه و لا إهليلجة، و لا شربة ماء على حديث رسول اللَّه ( صلّى اللَّه عليه و سلّم )، و لو ملأت لي هذا المسجد ذهبا إلى السقف.
فانصرفا من عنده.
و عن حسين بن عمرو المنقري قال: لما نزل بابن إدريس الموت بكت ابنته، فقال: لا تبكي، فقد ختمت في هذا البيت أربعة آلاف ختمة.
تقلد قضاء الشرقية، ثم ولي قضاء القضاة في أيام الرشيد. و كان يجلس في المسجد الّذي ينسب إلى الخلد فيقضي فيه. و حدّث عن عبيد اللَّه بن عمر العمري، و إسماعيل بن أبي خالد، و عبد الملك بن أبي سليمان. روى عنه: داود بن رشيد. و قد ضعفه بعض أصحاب الحديث. و قال بعضهم: لا بأس به [4].