اسم الکتاب : المنتظم في تاريخ الأمم و الملوك المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 9 صفحة : 204
ابن إدريس: ليس أصلح للقضاء. فنكت [1] هارون بإصبعه و قال له: وددت أني لم أكن رأيتك. قال له ابن إدريس: و أنا وددت أني لم أكن رأيتك. فخرج، ثم دخل حفص بن غياث. فقال له كما قال لنا. فقبل عهده و خرج. فأتانا خادم معه ثلاثة أكياس في كل كيس خمسة آلاف. فقال: إن أمير المؤمنين يقرئكم السلام و يقول لكم قد لزمتكم في شخوصكم مئونة فاستعينوا بهذه في سفركم. قال وكيع: فقلت له: أقرئ المؤمنين السلام، و قل له قد وقعت مني بحيث يحب أمير المؤمنين، و أنا عنها مستغن و في رعية أمير المؤمنين من [2] هو أحوج إليها مني، فإن رأى أمير المؤمنين بصرفها إلى من أحب.
و أما ابن إدريس فصاح به: مر من هنا. و قبلها حفص، و خرجت الرقعة إلى ابن إدريس من بيننا: عافانا اللَّه و إياك، سألناك أن تدخل في أعمالنا فلم تفعل، و وصلناك من أموالنا فلم تقبل، فإذا جاءك ابني المأمون فحدثه إن شاء اللَّه. فقال للرسول: إذا جاءنا مع الجماعة حدثناه إن شاء اللَّه. ثم مضينا، فلما صرنا إلى الياسرية حضرت الصلاة، فنزلنا نتوضأ للصلاة. قال وكيع: فنظرت إلى شرطي محموم نائم في الشمس، عليه سواده، فطرحت كسائي عليه و قلت: تدفأ إلى أن نتوضأ. فجاء ابن إدريس فاستلبه/ [ثم قال لي: رحمته] [3] لا رحمك اللَّه، في الدنيا أحد يرحم مثل ذا؟ ثم التفت إلى حفص فقال له: يا حفص، [قد] [4] علمت حين دخلت إلى سوق أسد، فخضبت لحيتك، و دخلت الحمام، أنك ستلي القضاء، لا و اللَّه لا كلمتك حتى تموت. قال: فما كلمه حتى مات [5].
أخبرنا محمد بن ناصر، أخبرنا محفوظ بن أحمد، أخبرنا أبو علي محمد بن الحسين الجازري [6]، أخبرنا المعافى بن زكريا، حدّثنا محمد بن القاسم الأنباري قال: حدّثني أبي، حدّثنا موسى بن عبد الرحمن بن مسروق الكندي، حدّثنا ابن