اسم الکتاب : المنتظم في تاريخ الأمم و الملوك المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 9 صفحة : 148
ثم قصدني عمرو بن مسعدة [1] في الضيعتين، فألزمني من خراجهما ما لا يفي به دخلهما، فكلما لحقتني نائبة قصدت دورهم فبكيتهم، فاستدعى المأمون عمرو بن مسعدة، فأمره أن يرد على الرجل ما استخرج منه، و يقرر خراجه على ما كان في أيام البرامكة. فبكى الرجل بكاء شديدا، فقال له المأمون: أ لم استأنف لك جميلا؟ قال:
بلى، و لكن هذا من بركة البرامكة. فقال: امض، فإن الوفاء مبارك، و حسن العهد من الإيمان.
ولد بخراسان بكور أبيورد، و قدم الكوفة و هو كبير، فسمع الأعمش، و منصور بن المعتمر، و عطاء بن السائب، و حصين بن عبد الرحمن، و غيرهم.
ثم تعبد و انتقل إلى مكة، فمات بها في أول هذه السنة. و كان ثقة فاضلا زاهدا.
أخبرنا محمد [3] بن ناصر قال: حدّثنا [4] حمد بن أحمد قال: أخبرنا أبو نعيم/ الأصفهاني قال: حدّثنا محمد بن علي قال: حدّثنا أبو سعيد الجندي قال: حدّثنا إسحاق بن إبراهيم قال: كانت قراءة الفضيل حزينة شهية بطيئة مترسلة [5]، كأنه يخاطب إنسانا، و كان إذا مرّ بآية فيها ذكر الجنة تردّد فيها و سأل [6]، و كان يلقى له حصير بالليل في مسجده، فيصلي من أول الليل ساعة حتى تغلبه عيناه فينام على الحصير [7]، فينام قليلا، ثم يقوم، فإذا غلبه النوم نام، ثم يقوم، هكذا حتى يصبح.
و سمعته يقول: إذا لم تقدر على قيام الليل و صيام النهار فاعلم أنك محروم مكبّل [8]، كبّلتك خطيئتك.
[2] طبقات ابن سعد 5/ 500. و التاريخ الكبير 7/ 123. و الجرح و التعديل 7/ 73. و تهذيب التهذيب 8/ 294. و التقريب 2/ 113. و حلية الأولياء 5/ 15، 30، 8/ 87- 114.