اسم الکتاب : المنتظم في تاريخ الأمم و الملوك المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 9 صفحة : 147
رجل و رجل، فخرج مائة خادم و خادم، في يد كل واحد منهم مجمرة [1] ذهب، فيها قطعة عنبر، فسجروا العود، و أقبل يحيى على القاضي فقال زوج ابن عمي هذا بابنتي عائشة فخطب و عقد النكاح، فأخذنا النثار من فتات المسك و بنادق العنبر و تماثيل الند، فالتقط الناس و التقط، ثم جاءنا الخدم في يد كل واحد منهم صينية فضة، فيها ألف دينار، مخلوط بالمسك، فوضع بين يدي كل واحد واحدة، فأقبل كل واحد يأخذ الدنانير في كمه، و الصينية تحت إبطه، و يخرج، فبقيت وحدي، لا أجسر أفعل ذلك، فغمزني بعض الخدم و قال: خذها [و قم] [2]، فأخذتها و قمت، و جعلت أمشي، و التفت/ [خوفا من أن يؤخذ مني،] [3] و يحيى يلاحظني من حيث لا أفطن، فلما قاربت الستر رددت فيئست من الصينية، فجئت فأمرني بالجلوس، فجلست فسألني عن حالي فحدثته بقصتي، فبكى، ثم قال: عليّ بموسى. فجاءه، فقال: يا بني، هذا رجل من أولاد النعم، قد رمته الأيام بصرفها، فخذه و اخلطه بنفسك، فأخذني فخلع علي و أمر لي بحفظ الصينية فكنت في العيش يومي و ليلتي، ثم استدعى [أخاه] [4] لعباس و قال: إن الوزير سلم إليّ هذا، و أريد الركوب إلى دار أمير المؤمنين، فليكن عندك اليوم. فكان يومي مثل أمسى، و أقبلوا يتداولوني و أنا قلق بأمر عيالي، و لا أتجاسر أن أذكرهم، فلما كان اليوم العاشر أدخلت إلى الفضل بن يحيى، فأقيمت عنده يومي و ليلتي، فلما أصبحت جاءني خادم فقال: قم إلى عيالك و صبيانك. فقلت: إنّا للَّه، ذهبت الصينية و ما فيها، فيا ليت هذا كان من أول يوم. فقمت و الخادم يمشي بين يدي، فأخرجني من الدار، فازداد يأسي [5]، ثم أدخلني إلى دار كأن الشمس تطلع من جوانبها، و فيها من صنوف الآلات و الفرش، فلما توسطتها رأيت عيالي يرتعون فيها في الديباج و الستور، و قد حمل إليهم مائة ألف درهم، و عشرة آلاف دينار/، و سلّم إليّ الخادم صكا بضيعتين جليلتين، و قال: هذه الدار و ما فيها و الضياع لك. فأقمت مع البرامكة في أخفض عيش إلى الآن.