اسم الکتاب : المنتظم في تاريخ الأمم و الملوك المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 8 صفحة : 254
أخبرنا عبد الرحمن قال: أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت قال: أخبرنا الحسين بن عمر بن برهان قال: حدّثنا عبد الباقي بن قانع قال: حدّثنا بشر بن موسى قال: حدّثنا عمرو بن علي قال: سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول: ما عاشرت في الناس رجلا أرق من سفيان الثوري، و كنت أرمقه في الليلة بعد الليلة ينهض مرعوبا ينادي: النار النار، شغلني ذكر النار عن النوم و الشهوات [1].
أخبرنا عبد الرحمن قال: أخبرنا أحمد بن علي/ قال: أخبرنا أبو عبد اللَّه محمد بن عبد الواحد قال: أخبرنا الوليد بن بكر الأندلسي قال: حدّثنا علي بن أحمد بن زكريا الهاشمي قال: حدّثنا صالح بن أحمد العجليّ قال: حدّثني أبي قال:
دخل سفيان على المهدي فقال السلام عليكم، كيف أنتم. ثم جلس فقال: حج عمر بن الخطاب [رضي اللَّه عنه] فأنفق في حجته ستة عشر دينارا، و أنت حججت، فأنفقت في حجتك بيوت الأموال قال: فأي شيء تريد، أكون مثلك؟ قال: فوق ما أنا فيه و دون ما أنت فيه. فقال وزيره أبو عبيد اللَّه: يا أبا عبد اللَّه، قد كانت كتبك تأتينا فننفذها.
قال: من هذا؟ قال: أبو عبيد اللَّه وزيري. قال: احذره، فإنه كذّاب، أنا كتبت إليك. ثم قام فقال له المهدي: إلى أين يا أبا عبد اللَّه؟ قال: أعود، و كان قد ترك نعله حين قام، فعاد فأخذها ثم مضى، فانتظره المهدي فلم يعد، قال: وعدنا أن يعود فلم يعد، قيل:
إنه عاد لأخذ نعله فغضب. و قال: قد آمن الناس إلا سفيان الثوري، و يونس بن فروة الزنديق، فإنه لبطلب و إنه لفي المسجد الحرام، فذهب فألقى نفسه بين النساء فجللنه، قيل له: لم فعلت؟ قال: إنهن أرحم ثم خرج إلى البصرة، فلم يزل بها حتى مات. فلما احتضر قال: ما أشد الغربة انظروا إليّ هاهنا أحدا من أهل بلادي؟ فنظروا فإذا أفضل رجلين من أهل الكوفة عبد الرحمن بن عبد الملك بن أبجر، و الحسن بن عياش أخو أبي بكر، فأوصى إلى الحسن في تركته، و أوصى إلى عبد الرحمن بالصلاة عليه [2].
توفي بالبصرة في هذه السنة.
قال مؤلف الكتاب و قد أوردت أخبار سفيان الثوري [3] في كتاب كبير، فلهذا اقتصرت هاهنا على هذا المقدار.