responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المنتظم في تاريخ الأمم و الملوك المؤلف : ابن الجوزي    الجزء : 8  صفحة : 224

الباب قد بسط له و هو جالس، فلما رآني عرفني و قال: مرحبا بك يا عبد الرحمن، حاجتك. فقلت له: احتجت إلى غلام أسود. فقال: نعم عندي عدة، فاختر أيهم شئت؟ فصاح يا غلام، فخرج غلام جلد، فقال: هذا محمود العاقبة، أرضاه لك، فقلت: ليس هذا حاجتي، فما زال يخرج إليّ [1] واحدا واحدا حتى أخرج إليّ الغلام، فلما أبصرت به بدرت عيناي، فقال: هذا هو؟ قلت: نعم [2]، فقال ليس إلى بيعه سبيل، قلت: و لم؟ قال: قد تبركت لموضعه في هذه الدار و ذاك أنه لا يزرأني شيئا، قلت: و من أين طعامه؟ قال: يكسب من قبل الشريط نصف دانق أو أقل أو أكثر فهو قوته، فإن باعه في يومه و إلا طوى ذلك اليوم. و أخبرني الغلمان عنه أنه لا ينام هذا الليل الطويل، و لا يختلط بأحد منهم مشغول [3] بنفسه، و قد أحبه قلبي، فقلت له: أنصرف إلى سفيان الثوري و إلى فضيل بن عياض بغير قضاء حاجة؟ فقال: إن ممشاك عندي كبير، خذه بما شئت. قال: فاشتريته و أخذت نحو دار فضيل، فمشيت ساعة، فقال لي: يا مولاي، قلت: لبيك، قال: لا تقل لي لبيك، فإن العبد أولى أن يلبي المولى، قلت: حاجتك يا حبيبي. قال: أنا ضعيف البدن، لا أطيق الخدمة، و قد كان لك في غيري سعة، قد أخرج إليك من هو أجلد مني، فقلت: لا يراني اللَّه و أنا أستخدمك، و لكني أشتري لك منزلا و أزوجك و أخدمك أنا بنفسي، قال: فبكى، فقلت: ما يبكيك؟

قال: أنت لم تفعل في هذا إلا و قد رأيت بعض متصلاتي باللَّه تعالى، و إلا فلم اخترتني 102/ ب من بين الغلمان؟ فقلت له: ليس بك حاجة إلى هذا، فقال لي: سألتك باللَّه/ إلا أخبرتني، فقلت: بإجابة دعوتك، فقال لي: إني أحسبك إن شاء اللَّه رجلا صالحا، إن للَّه عز و جل خيرة من خلقه لا يكشف شأنهم إلا لمن أحب من عباده و لا يظهر عليهم إلا من ارتضى، ثم قال لي: ترى أن تقف علي قليلا، فإنه قد بقيت علي ركعات من البارحة.

قلت: هذا منزل فضيل قريب. قال: لا. هاهنا أحب إليّ [4] أمر اللَّه عز و جل لا يؤخر فدخل من باب الباعة إلى المسجد فما زال يصلي حتى إذا أتى على ما أراد التفت إليّ فقال: يا أبا عبد الرحمن، هل من حاجة؟ قلت: و لم؟ قال: لأني أريد الانصراف،


[1] «إلى» ساقطة من ت.

[2] «نعم» ساقطة من ت.

[3] في ت: «مشغل».

[4] في ت: «أحب أن».

اسم الکتاب : المنتظم في تاريخ الأمم و الملوك المؤلف : ابن الجوزي    الجزء : 8  صفحة : 224
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست