اسم الکتاب : المنتظم في تاريخ الأمم و الملوك المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 8 صفحة : 223
يديه، قال: فرفع ابن عياش رأسه- و كان من أجرئنا عليه- فقال: يا أمير المؤمنين، لم يضرب سلم مولاك بقوته و لا قوة ابنه و لكنك قلدته سيفك، و أصعدته منبرك، و أراد مولاك أن يطأطئ من سلم ما رفعت، و يفسد ما صنعت، فلم يحتمل له ذلك، يا أمير المؤمنين إن غضب العربيّ في رأسه، فإذا غضب لم يهدأ حتى يخرجه بلسانه أو يده، و إن غضب النبطي في استه، فإذا خري ذهب غضبه، فضحك أبو جعفر، و قال: قبّحك اللَّه يا منتوف. و كف عن سلم [1].
توفي المنتوف في هذه السنة.
853- الأسود المكيّ.
أخبرنا محمد بن ناصر قال: أخبرنا جعفر بن أحمد السراج قال: أخبرنا عبد العزيز بن الحسن بن إسماعيل الضراب، قال: أخبرني أبي قال: حدّثنا أحمد بن مروان بن المالكي قال: حدّثنا سليمان بن الحسن قال: حدّثني أبي قال: قال ابن المبارك: قدمت مكة فإذا الناس قد قحطوا من المطر و هم يستسقون في المسجد الحرام، و كنت في الناس مما يلي باب بني شيبة، إذ أقبل غلام أسود عليه قطعتا خيش، قد ائتزر بإحداهما، و ألقى الأخرى على عاتقه، فصار في موضع خفي إلى جانبي، فسمعته يقول: إلهي أخلقت الوجوه كثرة الذنوب و مساوىء الأعمال، و قد منعتنا غيث السماء لتؤدب الخليفة بذلك، فأسألك يا حليما ذا أناة، يا من لا [2] يعرف عباده منه إلا الجميل، اسقهم الساعة الساعة. قال ابن المبارك: فلم يزل يقول الساعة الساعة حتى استوت بالغمام، و أقبل المطر من كل مكان، و جلس [3] مكانه يسبّح، و أخذت أبكي، فلما قام تبعته [4] حتى عرفت موضعه، فجئت إلى فضيل بن عياض/ فقال لي: ما لي 102/ أ أراك كئيبا؟ فقلت: سبقنا إلى اللَّه غيرنا، فتولاه دوننا، قال: و ما ذاك؟ فقصصت عليه القصة، فصاح و سقط و قال: ويحك يا ابن المبارك خذني إليه، قلت: قد ضاق الوقت، و سأبحث عن شأنه. فلما كان من الغد صليت الغداة، و خرجت إلى الموضع فإذا شيخ على