اسم الکتاب : المنتظم في تاريخ الأمم و الملوك المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 8 صفحة : 220
و قال بعضهم: كان بدو وجعه الّذي مات فيه من حر أصابه من ركوبه في الهواجر، و كان رجلا محرورا.
أخبرنا محمد بن أبي منصور قال: أخبرنا المبارك بن عبد الجبار قال: أخبرنا أبو بكر المنكدري قال: أخبرنا ابن الصلت قال: أخبرنا أبو بكر بن الأنباري قال: حدّثنا محمد بن أحمد المقدمي قال: حدّثنا أبو محمد التميمي قال: حدّثنا منصور بن أبي مزاحم قال: حدّثنا أبو سهل الحاسب قال: حدّثني طيفور قال: كان سبب إحرام المنصور من مدينة السلام أنه نام ليلة فانتبه فزعا، ثم عاود النوم فانتبه فزعا، ثم راجع النوم فانتبه فزعا فقال: يا ربيع، قال: لبيك يا أمير المؤمنين، قال: لقد رأيت في منامي عجبا قال: ما رأيت جعلني اللَّه فداك؟ قال: رأيت كأن آتيا أتاني فهيّم بشيء لم أفهمه، فانتبهت فزعا، ثم عاودت النوم فعاودني يقول ذلك الشيء، ثم عاودني بقوله [1]، حتى فهمته و حفظته و هو:
كأني بهذا القصر قد باد أهله * * * و عرى منه أهله و منازله
و صار رئيس القوم من بعد بهجة * * * إلى جدث يبنى عليه جنادله
و ما أحسبني يا ربيع إلا و قد حانت [وفاتي] [2]، و حضر أجلي، و ما لي غير ربي، قم فاجعل لي غسلا، ففعلت فقام فاغتسل و صلى ركعتين و قال: أنا عازم على الحج.
فهيأنا آلة الحج، فخرج و خرجنا حتى إذا انتهى إلى الكوفة نزل النجف، فأقام أياما، ثم أمر بالرحيل فتقدمت نوابه و جنده، و بقيت أنا و هو في القصر و شاكريته بالباب، فقال لي:
100/ ب يا ربيع جئني بفحمة من المطبخ، و قال لي: أخرج فكن مع دابتي/ إلى أن أخرج، فلما خرج و ركب، رجعت إلى المكان كأني أطلب شيئا، و إذا قد كتب على الحائط بالفحمة شعرا:
المرء يهوى أن يعيش و طول عيش قد يضرّه * * * تفنى بشاشته و يبقى بعد حلو العيش مرّه
و تصرف الأيام حتى ما يرى شيئا يسرّه * * * كم شامت بي أن هلكت و قائل للَّه دره [3]