وكما ينحلّ بذلك عبادية الطهارات ينحلّ أيضاً شبهة ترتّب الثواب عليها لأجل العبادية وشبهة الدور ; لأ نّها إنّما ترد لو قلنا بأنّ عباديتها موقوفة على الأمر الغيري ، وقد عرفت خلافه .
وممّا ذكرناه من الجواب يقرب ما ذكره المحقّق الخراساني[ 1 ] ، ويفترق عنه بما يسلم عن بعض المناقشات .
فإن قلت : إنّ الالتزام بعبادية الطهارات الثلاث حتّى التيمّم مشكل جدّاً ; إذ ليس الأخير عبادة نفسية ، وما ربّما يستفاد من ظواهر بعض أخباره من كونه عبادة[ 2 ] ـ على فرض تسليمه ـ ليس بحجّة ; لإعراض الأصحاب عنها .
قلت : يمكن أن يقال بل يستكشف من احتياجه إلى قصد التقرّب وترتّب المثوبة ، كونه عبادة في نفسه ، إلاّ أ نّه في غير حال المقدّمية ينطبق عليه مانع عن عباديتها الفعلية ، أو يقال بأ نّه عبادة في ظرف خاصّ ; وهو كونه مأتياً به بقصد التوصّل إلى الغايات ، لا بأن تكون عباديته لأجل الأمر الغيري .
فإن قلت : فعلى ذلك لابدّ أن يؤتى بها لأجل رجحانها الذاتي ، مع أنّ سيرة المتشرّعة جارية على إتيانها لأجل التوصّل بها إلى الغايات . وعليه فلو أتى بها لأجل الغير تقع صحيحة ; وإن غفل عن ملاك العبادية ، كما عليه بعضهم في تصحيح العبادية .
قلت : بل نجد ارتكاز المتشرّعة على خلاف ذلك ، أترى من نفسك أن ترميهم بأ نّهم لايفرّقون بين الستر وتطهير الثوب للصلاة وبين الطهارات الثلاث
[1] كفاية الاُصول : 139 ـ 140 . [2] كقوله(عليه السلام) : «التيمّم أحد الطهورين» بضميمة الإطلاقات الدالّة على استحباب الطهر في نفسه كقوله تعالى : (إنّ اللهَ يُحبُّ التوابينَ ويُحبُّ المتطهرين) .