وربّما يقال : إنّ المقدّمة هي الأجزاء بالأسر لا بشرط ، والواجب هي الأجزاء بشرط الاجتماع ; فتحصل المغايرة الاعتبارية[ 1 ] .
ولايخفى ما فيه من التكلّف ، والذي يقتضيه الذوق العرفي ويساعده البرهان : أنّ المقدّمة إنّما هو كلّ واحد واحد مستقلاّ ، لا الأجزاء بالأسر حتّى يصير المقدّمة عين ذيها . وبعبارة اُخرى : ليس هنا مقدّمة واحدة ; وهو الأمر الوحداني من الأجزاء بل هنا مقدّمات ، وكلّ جزء مقدّمة برأسها ، وفي كلّ واحد ملاك الغيرية ، والجزء يغاير الكلّ الاعتباري في وعاء الاعتبار .
وتوضيح المقام يتوقّف على بيان كيفية الإرادة الفاعلية ; كي يعلم منه حال الإرادة الآمرية ، فنقول : تعلّق الإرادة بشيء إمّا لأجل إدراك مصلحة فيه نفسه ، فيطلبه بذاته ، وإمّا لأجل كونه ممّا يتوصّل به إلى ما فيه المصلحة .
ثمّ إنّه ربّما تتعلّق الإرادة بالواحد البسيط واُخرى بالمركّب ، والأوّل خارج من المقام ، والثاني على أقسام :
قسم يكون تركيبه تركيباً حقيقياً ; لتألّفه ممّا هو شيء بالقوّة ; أعني المادة ، وممّا هو شيء بالفعل ; أعني صورته وفصله .
وقسم يكون تركيبه تركيباً صناعياً ، وهو المؤلّف من أجزاء ملتئمة ومجتمعة ، على ما يقتضيه الاُصول الفنّية ، لا كالتئام اللامتحصّل بالمتحصّل حتّى يحصل الفناء والاندكاك ، بل لها بعد التركيب أيضاً فعلية ، إلاّ أنّ الفاعل الفنّي قد ألصق بعضها بعضاً ; بحيث قد حصل له نحو وحدة وتركيب مع قطع النظر عن اعتبار المعتبر ، كالمعاجين والسيّارة والبيت والمسجد .