نعم ، يرد عليه : أ نّه لايتمّ إلاّ إذا ضمّ عليه الإجماع ; بأنّ مادّته عين مادّة المشتقّات أو أنّ المصدر أصل المشتقّات ، وكلاهما ممنوعان ; لعدم الإجماع على الوحدة في المادّة ; إذ وحدة المادّة في المشتقّات وإن صارت مسلّمة عند المتأخّرين لكن عند القدماء من أهل الأدب محلّ خلاف وتشاجر ، على نحو مرّ في المشتقّ لبّ الأقوال ، كما أنّ كون المصدر أصلا مطلقاً ممّا لم يسلّم عند كثير منهم .
الثاني : جعل معقد النزاع دلالة الهيئة على الوحدة والتكرار ، وسيجيء توضيحه وردّه .
الثالث : أن يكون النزاع في دلالة مجموع الهيئة والمادّة على طلب الماهية ; مرّة أو مكرّرة .
هذه هي الوجوه المتصوّرة ، ولكن لايصحّ كلّها ، بل لايعقل بعضها :
أ مّا الأوّل : فلأ نّك قد عرفت[ 1 ] وضع المادّة لمعنى بسيط عار عن كلّ قيد ومجرّد عن كلّ شرط ; حتّى عن لحاظ نفسها وتجرّدها .
وأ مّا الآخر : فلما مرّ في أوائل الكتاب بأ نّه لا وضع للمجموع بعد وضع المفردات ، على تفصيل سبق ذكره[ 2 ] .
فبقي الهيئة ، وكون دلالتها محلّ النزاع بعيد جدّاً ; لأ نّها وضعت لنفس البعث والإغراء ، كإشارة المشير ، ومقتضى البعث إلى الماهية المجرّدة هو إيجادها في الخارج ، لا جعل الإيجاد جزء مدلوله اللفظي .
فحينئذ فالشيء الواحد من جهة واحدة لايعقل أن يتعلّق به البعث متعدّداً
[1] تقدّم في الصفحة 148 . [2] تقدّم في الصفحة 73 .