اسم الکتاب : موسوعة الأسئلة العقائديّة المؤلف : مركز الأبحاث العقائدية الجزء : 5 صفحة : 54
( فادي نجدي ـ لبنان ـ ٢٧
سنة )
ترتيب آيتي البلاغ والإكمال :
س
: بالنسبة إلى موضوع ترتيب الآيات في القرآن أرى يستحقّ النظر : إنّ الترتيب
الزمني يستوجب أنّ آية البلاغ تأتي بعد آية الإكمال ، بالرغم أنّهما في القرآن
موجودتان في سورة واحدة بالترتيب المعكوس.
وقد
ألزمتم أنفسكم بأنّ الترتيب للسور والآيات كان منذ عهد الرسول صلىاللهعليهوآله ، فكيف تردّون على هذه الشبهة التي تجعل من
دلالة الآيات منافية لما ندّعيه من نزولها في شأن ولاية علي عليهالسلام؟
ج : لا يخفى أنّ القرآن الكريم رتّبت
آياته من قبل رسول الله صلىاللهعليهوآله
بأمر الوحي عن الله تعالى ، ولا علاقة لذلك بترتيب السابق واللاحق في النزول ، وهذا
ما يسمّى بالنظم ، أي : نظم آيات السورة بحسب أغراض ومصالح معيّنة ، تظهر أسبابها
عندنا ، وقد تخفى أسباب بعضها كذلك.
واعلم إنّ آية ( بَلِّغْ
مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ ... )[١] إذا أخذنا
ترتيب الآيات ـ وهو ما نسمّيه بسياق الآيات ـ بنظر الاعتبار ، فإنّ سياق الآيات لا
تساعد على قولنا أنّها نزلت في الإمام علي عليهالسلام
، بل إنّ الآيات التي قبلها والتي بعدها تتحدّث عن أهل الكتاب ، فالآية التي قبلها
هي قوله تعالى : ( وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُواْ التَّوْرَاةَ
وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيهِم مِّن رَّبِّهِمْ ... )[٢]
، والآية التي بعدها هي قوله تعالى : ( قُلْ يَا أَهْلَ
الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ ... )[٣] ، مع أنّ
اليهود والنصارى في ذلك العهد النبوي لم يكن لهم شأنٌ وخطر ، فهم ليس بأهل قوّةٍ
ولا شوكةٍ ، ولا سطوة حتّى يخشى رسول الله صلىاللهعليهوآله
منهم إنّ هو بلّغ الإسلام.