اسم الکتاب : موسوعة الأسئلة العقائديّة المؤلف : مركز الأبحاث العقائدية الجزء : 5 صفحة : 517
( حفيظ بلخيرية ـ تونس ـ ٤٠
سنة )
تشكّل الجنّ بشكل الإنسان :
س
: جاء في حديثكم : وأنّ الجنّ يتشكّل بشكل الإنسان ، فكيف يمكن أن نأمن على أموالنا
وأنفسنا ونسائنا و ... مع العلم أنّ الآية الكريمة تقول : ( إِنَّهُ
يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ )[١].
لي
سؤال آخر في موضوع الجنّ وهو : جاء في قوله تعالى : ( يَا
مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَن تَنفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ
السَّمَاوَاتِ وَالأرض )[٢] مع العلم أنّ الجنّ يسبح كما يريد في الفضاء ،
إلاّ أماكن استراق السمع ، فلماذا جمعتهم الآية مع الإنس؟
ج : إنّ ما ذكر : من أنّ الجنّ يتشكّل
بشكل الإنسان ليس على عمومه ، بل في موارد خاصّة ، فلا يكون خارجاً عن الإرادة والتخطيط
الإلهي ، وعليه فلا يشكّل خطراً على حياة الإنسان بدون نزول أوامر السماء ، حيث
يقول جل وعلا : ( وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ )[٣].
وأمّا آية ( إِنَّهُ يَرَاكُمْ
هُوَ وَقَبِيلُه ... )
فلا تنفي إمكانية تشكّل الجنّ بأنواع الصور ، بل تبيّن سعة نظره التي هي من
مقوّمات وجوده ، إذ هو يرى الإنسان ، ولا يراه الإنسان في الحالات العادية.
وأمّا آية ( يَا مَعْشَرَ
الْجِنِّ وَالإِنسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ ... ) فتبيّن لنا أهمّية تحصيل العلم في سبيل
الإشراف ، وسعة الإطلاع على الآيات التكوينية المخلوقة في عالم الوجود ، هذا من
جانب.
ومن جانب آخر ، تنفي عدم انخرام
السماوات في وجه الإنس والجنّ ـ كما كان يعتقده أصحاب الفلسفة اليونانية ـ بل
تصرّح بإمكانية التوغّل والنفوذ إلى أبعد حدٍ في عالم المادّة ، بشرط الاستعانة
بالعقل والعلم.