اسم الکتاب : معالم الإصلاح عند أهل البيت عليهم السلام المؤلف : الكعبي، علي موسى الجزء : 1 صفحة : 132
والله لقد رأيت عقيلاً وقد أملق حتى
استماحني
من برّكم صاعاً ، ورأيت صبيانه شعث الشعور ، غبر الألوان من فقرهم ، كأنما
سوّدت وجوههم بالعظلم ، وعاودني مؤكّداً ، وكرّر عليّ القول مردداً ،
فأصغيت إليه سمعي ، فظنّ أني أبيعه ديني ، وأتبع قياده مفارقاً طريقي ،
فأحميت له حديدةً ، ثم أدنيتها من جسمه ليعتبر بها ، فضجّ ضجيج ذي دنف من
ألمها ، وكاد أن يحترق من ميسمها. فقلت له : ثكلتك الثواكل ياعقيل ، أتئن
من حديدةٍ أحماها إنسانها للعبه ، وتجرّني إلى نار سجّرها جبّارها لغضبه ،
أتئنّ من الأذى ، ولا أئنّ من لظى ؟! »[١].
وكان عليهالسلام
شديداً في مراقبة عمّاله ومحاسبتهم إذا بدر منهم أيّ مظهر من مظاهر
الاستئثار بحقوق المسلمين ، وحريصاً على تطبيق هذه السياسة إلى آخر المدى.
فمن كتاب له عليهالسلام
إلى مصقلة بن هبيرة الشيباني ـ وهو عامله على أردشير خرّه ـ : «
بلغني عنك أمر إن
كنت فعلته فقد أسخطت إلهك ، وأغضبت إمامك ؛ أنك تقسم فيء المسلمين الذي
حازته رماحهم وخيولهم ، وأريقت عليه دماؤهم ، فيمن اعتامك من أعراب قومك.
فوالذي فلق الحبّة ، وبرأ النسمة ، لئن كان ذلك حقاً لتجدنّ بك علي هواناً ،
ولتخفنّ عندي ميزاناً. فلا تستهن بحقّ ربك ، ولا تصلح دنياك بمحق دينك
فتكون من الأخسرين أعمالاً. ألا وإن حقّ من قبلك وقبلنا من المسلمين في
قسمة هذا الفيء سواء ، يردون عندي عليه ويصدرون عنه »[٢].