يمكن الحكم عليها [١] بالبقاء على عدمها السابق ، دون نفس الوجودات [٢] ، أو المتحصّل من الأمرين [٣]. إذ ـ بعد وضوح أنّه لا ينقلب ولا يتبدّل أحد النقيضين بالآخر [٤] ، وإنّما يطرد كلّ منهما
[١] وذلك بالحكم الشرعي الاستصحابي ، فيحكم بموجبه على الماهيّة بأنها باقية على عدمها السابق الأزلي. [٢] أي : ليس المسبوق بالعدم وما كان معدوما سابقا هو الوجود ، كي يمكن الحكم عليه بأنه باق على عدمه السابق ، إذ لا يعقل اتّصاف الوجود بالعدم وعروض العدم عليه. [٣] الظاهر أنّ المراد بالأمرين : الوجود والماهيّة ، والمتحصّل منهما هو الماهيّة الموجودة ، وكون هذا هو المسبوق بالعدم محال كسابقه ، وبنفس ملاكه ، إذ مقتضاه كون الموجود معدوما ، وهو اجتماع للنقيضين. [٤] فإنّ التبدّل إنّما يكون بين الماهيّات بالنسبة إلى صورها النوعيّة ، كتبدّل الخشب فحما الحاصل بانعدام صورة الأوّل وتبدّلها إلى صورة الآخر ، وقريب منه الانقلاب ، ولا كذلك الوجود والعدم ، فإنّه لا تبدّل لأحدهما بالآخر ، فلا يعقل أن يصير الوجود عدما ولا العدم وجودا ـ بمعنى تبدّله إليه ـ ، ولا يقال : كان الوجود عدما فصار وجودا ، أو إنّ الوجود صار عدما كما يقال : كان الفحم خشبا وصار الخشب فحما ، كي يكون المسبوق بالعدم هو الوجود ، وإنّما الماهيّة كانت معدومة فوجدت ، أو موجودة فعدمت. أمّا نفس الوجود والعدم فبينهما مطاردة ومناقضة ، حيث إنّ كلا منهما ينقض الآخر ويطرده عن الماهيّة ، ويزيحه عنها.
إذن فالماهيّة هي الموجودة أو المعدومة ، وهي المسبوقة بالعدم والصالحة لاستصحاب عدمها ، دون الوجود.