لم يكن دليل البراءة قاصرا عن الشمول لها فكذلك المقام أيضا ـ حذو النعل بالنعل. وإذ قد عرفت ذلك فينبغي أن نحرّر كلاّ من الأمرين في مبحث برأسه :
المبحث الأوّل : ـ في تنقيح الصغرى.
وينبغي تقديم أمور :
الأوّل : أنّهم عرّفوا المانع بأنّه الأمر الوجوديّ المتوقّف وجود المعلول على عدمه ، وقد تقدّم بعض الكلام في توضيح هذا التوقف [١] ، وهذا التعريف يعمّ المانع الشرعي أيضا كالعقلي ، لما عرفت أنّ مانعيّته عن الملاك تكوينيّة [٢] ـ حذو سائر الموانع التكوينيّة ـ من غير فرق بين باب الأسباب ومتعلقات التكاليف ، لتقيّده [٣] بعدم ما يخرجه عن الانطباق على ملاكه ، وتنتزع مانعيّته
[١] تقدّم ذلك في أوائل الأمر الثالث المعقود لإثبات المانعية فيما نحن فيه ونفي الشرطية ، وأفاد 1 هناك أن مناط مانعيّة المانع هو دفعه لتأثير المقتضي في المعلول ، وأنّه بهذا الاعتبار عدّ عدم المانع من أجزاء العلة. [٢] عرفت ذلك في الموضع الآنف الذكر ، حيث أفاد 1 أن مانعية المانع ـ حذو شرطية الشرط ـ وإن كانت منتزعة عن تقييد متعلق الحكم أو موضوعه بعدمه ، لكن لمّا كان دخله في ملاك الحكم ـ على مذهب العدلية ـ ناشئا عن توقّفه على عدمه ـ توقّف كلّ معلول تكويني على عدم مانعه ـ فبهذا الاعتبار يكون مرجع المانع التشريعي إلى المانع التكويني ، ويحكم عليه بأحكامه. [٣] أي تقيّد متعلّق الحكم أو موضوعه بعدم المانع المخرج له عن الانطباق على ملاكه ، وتنتزع مانعيته عن هذا التقيّد.