عنوان الاستهلاك لم يؤخذ ـ بنفس عنوانه ـ مخرجا لموضوعات الأحكام عن الموضوعيّة لها ، كي يدور مدار صدقه العرفي ، وإنّما العبرة في ذلك بانعدام تلك الموضوعات بامتزاجها بما يغلب عليها ، إمّا حقيقة كالدم المستهلك في الماء ، فإنّ صورته النوعيّة تنعدم * حقيقة باستيلاء الماء عليه وتفرّق أجزائه فيه ، أو عرفا كالماء القليل الملقى في نهر ونحوه [١] ، ولو ألقي في حوض صغير مملوك للغير ففي كونه من التالف إشكال [٢] ، فضلا عن الصوف
لعدم وروده بعنوانه في دليل شرعي يبيّن كونه مخرجا لموضوعات الأحكام عن الموضوعية لها ، كي يتبع صدق هذا العنوان عرفا ، وإنما العبرة في الخروج عن الموضوعية بانعدام الموضوع خارجا إما حقيقة أو عرفا ، فإن لم ينعدم وكان له وجود حقيقة وعرفا لحقه حكمه وإن صدق في مورده الاستهلاك عرفا.
[١] فإنّ تفرّق الأجزاء وإن حصل فيه أيضا ـ كما في مثال الدم ـ إلاّ أنه لمجانسته مع المختلط به في الماهية فلا يوجب الاختلاط زوال صورته النوعية حقيقة ـ كما كان في الدم ـ ، بل انعدام وجوده عرفا ، لشدة استيلاء ماء النهر عليه واستيعابه إياه وضياعه فيه ، فلا يرى له وجود ، ويعدّ من التالف ، ويضمن بدله لمالكه إن كانت له ماليّة. [٢] وجهه أنّ عدم غزارة ماء الحوض واستيعابه لما ألقي فيه من القليل يوجب عدم وضوح انعدام ما ألقي فيه في نظر العرف ـ حذو وضوحه إذا ألقي في ماء النهر الكبير ـ فلا يعلم كونه من التالف عرفا المضمون لمالكه أو كونه من الزيادة في مقدار المجموع الموجبة للاشتراك بين المالكين ، إذن فمورد الإشكال هو ما إذا شك في تحقق الزيادة العرفية وعدمه.
(*) الموجود في الطبعة الاولى ( تنهدم ) والصحيح ما أثبتناه.