نسبت ابلاغ الوحي الإلهي إلى جميع الملائكة، إلّاأنّ المفروغ منه هو أنّ
المراد طائفة منهم؛ الأمر الذي صرح به القرآن الكريم بقوله: «اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ المَلائِكَةِ رُسُلًا».[1] كما صرح عليه
السلام في الخطبة الاولى من نهج البلاغة بهذا المعنى قائلًا:
«ومنهم أمنا على وحيه، وألسنة إلى
رسله».
و هذا تعبير متداول بشأن الأعمال المهمة التي تصدر من فئة معينة ضمن جماعة
لتحسب على أساس تلك الجماعة.
على كل حال فانّ العبارة تشير إلى مدى أمانة الملائكة في ابلاغ الوحي
وايصاله على نحو الدقة دون نقيصة أو زيادة والوقع هو أنّ الإمام عليه السلام أشار
بالعبارتين الأخيرتين إلى عصمة الملائكة من الذنب والزلل، حيث أشارت العبارة
الاولى إلى عصمتها عن الشبهة والشك والخطئوالثانية إلى عصمتها عن الذنب
والمعصية وعدم مخالفة الأوامر الإلهية. كما أشار عليه السلام باربع عبارات إلى
عناية سبحانه بملائكة الوحي من أجل قيامها بهذه الوظيفة بصورة صحيحة. قال في
العبارة الاولى أنّه أمدهم سبحانه بلطفه وعنايته ليقوموا بهذه الوظيفة الخطيرة
على أكمل وجه
ثم قال في العبارة الرابعة «و نصب لهم منارا واضحة على أعلام توحيده» فقد أوجز
الإمام عليه السلام بهذه العبارات أشكال الملائكة وصورها والفوارق بينها في القوة
و القدرة، إلى جانب بيان أحدى أهم وظائفها في ابلاغ الوحي و صفات هذه الطائفة
المبلغّة للوحي.