responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : نفحات الولاية المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 4  صفحة : 62

الأجنحة وسيلة لدى‌ الطيور للتحليق في السماء وكيفية تفاوتها في التحليق تبعا لكيفية هذه الأجنحة، فانّ هذه العبارة بشأن الملائكة إشارة إلى‌ تفاوتهامن حيث القوه والقدرة على القيام بالوظائف والمسؤوليات. صحيح أننا مكلفون بحمل جميع الفاظ القرآن الكريم وكلمات الأئمة المعصومين عليهم السلام على معانيها الحقيقة، دون حملها على الكناية والمجاز ما لم تكن هناك قرينة واضحة في الكلام، ولكن بالنظر إلى‌ العبارات التي تواصل فيها كلام الخطبة بشأن أوصاف الملائكة، يبدو من المستبعد حمل هذه العبارات على‌ معناها الظاهرى، ومن ذلك:

«ومنهم من قد خرقت أقدامهم تخوم الأرض السفلى ...»

، وكذلك العبارات التي وردت سابقاً بشأن الملائكة، كالذي ورد فيها في الخطبة الاولى‌ بشأن الملائكة:

«ومنهم الثابتة في الارضين السفلى أقدامهم، والمارقة من السماء العليا أعناقهم ...» [1]

، فهذه العبارات يمكن أن تكون قرينة واضحة على أنّ لمثل هذه الأوصاف بعد كنائي ومعنوي لا ظاهري ومادي. ثم أشار عليه السلام في مواصلة كلامه إلى‌ بعض خصائص الملائكة وقال:

«لا ينتحلون‌ [2] ما ظهر في الخلق من‌

صنعه، ولايدعون أنّهم يختلقون شيئاً معه ممّا انفرد به»

، ثم اردف عليه السلام كلامه مباشرة بما ورد في القرآن الكريم بشأن التسليم المطلق للملائكة أمام إرادة اللَّه سبحانه وتعالى‌ فقال:

«عِبادٌ مُكْرَمُونَ* لا يَسْبِقُونَهُ بِالقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ» [3]، نعم فهم آذان صاغية لأوامره سبحانه وانقياد مطلق لإرادته، وهذه أولى‌ خصائص الملائكة التي أشارت اليها الخطبة، كما تشير ضمنياً إلى‌ عصمة الملائكة وبعدهاعن الذنب والمعصية والخطأ والزلل، فهى تبطل كافة مزاعم مشركي العرب وغير هم ممن قال بربوبيتها والوهيتها، وتصفهم بأنّهم عباد مطيعون منقادون وليس لهم أن يكونوا شركاء اللَّه في الخلق.

ثم أشار الإمام عليه السلام إلى‌ وظيفة اخرى من وظائف الملائكة بصفتهم حملة الوحي فقال:

«جعلهم اللَّه فيما هنالك أهل الامانة على وحيه، وحملهم إلى‌ المرسلين ودائع أمره وفهيه، وعصمهم من ريب الشبهات. فما منهم زائغ‌ [4] عن سبيل مرضاته»

فالعبارة وإن‌


[1] راجع المجلد الأول من هذا الشرح/ 159.

[2] «ينتحلون» من مادة «انتحال» بمعنى إدعاء الشخص شيئا لصالحه، وهو يتعلق بآخر.

[3] سورة الأنبياء/ 26- 27.

[4] «زائغ» من مادة «زيغ» على وزن ميل بمعنى العدول عن الحق.

اسم الکتاب : نفحات الولاية المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 4  صفحة : 62
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست