responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : نفحات الولاية المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 4  صفحة : 138

لتلك الأزمان البعيدة، إلّالمن ارتبط بمصادر الوحي واستند إلى المدد الإلهي والعلم المطلق.

والعجيب في الأمر أنّ الإمام عليه السلام أكد في هذه العبارة أني أستطيع أن أخبركم بكافة الحوادث القادمة إلى يوم القيامة من جانب، ومن جانب آخر أشار إلى جزئيات هذه الحوادث وتفاصيلها. الأمر الذي لا يتيسر إلّاللنبي ومن يستقي علومه ومعارفه منه، وهنا يبرز هذا السؤال: هل للنبي أو الإمام العلم بالغيب، وبهذه السعة والشمولية، والحال هذا القرآن يصرح: «قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمواتِ وَالأَرْضِ الغَيْبَ إِلّا اللَّهُ» [1]، وتبدو الاجابة واضحة ومعروفة على هذا السؤال، على ضوء ما ورد في الآيات القرآنية، وكلمات الائمة عليه السلام ولاسيما الإمام عليه السلام في أن علم الغيب بالذات مختص بالله سبحانه، والله سبحانه يطلع من يشاء من أوليائه على ذلك العلم، كما ورد ذلك في الآية 26- 27 من سورة الجن: «عالِمُ الغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى‌ غَيْبِهِ أَحَداً* إِلّا مَنِ ارْتَضى‌ مِنْ رَسُولٍ»، وسيأتى عما قريب أنّ الإمام عليه السلام حين أخبرعن بعض الحوادث، فتبادر هذا السؤال إلى ذهن أحد الأفراد بشأن علم الإمام عليه السلام للغيب، ردّ عليه عليه السلام بالقول:

«ليس هو بعلم غيب، وإنّما هو تعلم من ذي علم»،

في إشارة واضحة إلى أنّ الغيب الذاتي للَّه، وعلم الإمام عليه السلام إكتسابي، فقد تعلم جميع هذه الامور من رسول اللَّه صلى الله عليه و آله الذي تعلمها من اللَّه سبحانه وتعالى (وسيمر علينا في البحث القادم شرح هذا الكلام). على كل حال، لم يقل مثل هذا الكلام بعد رسول اللَّه أحد سوى أميرالمؤمنين، إلّاأنّ الإمام أورد ذلك كراراً ومراراً ليقع عين ما كان يخبر به عليه السلام. وقد أفرد ابن أبي الحديد في شرحه لنهج البلاغة فصلًا أسماه الامور الغيبة التي أخبر عنها الإمام عليه السلام أورده في ذيل هذه الخطبة، وسنشير إليه في البحث القادم.

والعبارة:

«ولاعن فئة تهدى مئة ...»

إشارة إلى أنّ الإمام عليه السلام لايخبر عن الجماعات الكثيرة والوقائع الخطيرة فحسب، بل يستطيع الأخبار عن صغائر الحوادث ببركة ذلك التعليم الإلهي. ثم أشار عليه السلام إلى نقطتين بهذا الشأن:

الاولى: لتشجيع أولئك على‌ السؤال عن المسائل المصيرية، حذراً من ندمهم يوماً حين‌


[1] سورة النمل/ 65 (كما ورد شبيه هذا المضمون في آيات متعددة اخرى‌).

اسم الکتاب : نفحات الولاية المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 4  صفحة : 138
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست