ولايقصد العناصر الثانوية هناوهناك، فالفتنة تزول إذا مازال مركزها؛ وهذا هو
الطريق الافضل الذي ينبغي اتخاذه في مواجهة الفتن والدسائس. ثم تطرق الإمام عليه
السلام إلى مسألة ذات أهمية بالغة جدا فقال عليه السلام:
«فاسألونى قبل أن تفقدوني»
. كما ذكر سابقا فقد قال المحققون لم يكن ليقول هذا الكلام غير علي بن أبي
طالب، و ذلك لأنه كان واسع العلم بأحداث الماضي و الحاضر و المستقبل بحيث يجيب يرد
على كل سؤال بشأن المعارف و الأحكام، و هو العلم الذي تعلمه من رسول اللَّه صلى
الله عليه و آله الذي أخذه عن الوحي.
قال الشارح المعتزلي روى صاحب كتاب الاستيعاب عن جماعة من الرواة والمحدثين
قالوا لم يقل أحد من الصحابة عنهم سلوني إلّاعلي بن أبي طالب، وقال أبو جعفر
الاسكافي في كتاب نقض العثمانية: ليس لأحد من الناس أن يقول على المنبر سلوني
إلّاعلي بن أبي طالب عليه السلام.
وقيل إنّ ابن الجوزي قال يوماً على منبره: سلوني قبل أن تفقدوني، فسألته أمرأة
عما روى أنّ علياً سارفي ليلة إلى سلمان فجهزه ورجع، فقال: روى ذلك، قالت: فعثمان
ثم ثلاثة أيام منبوذاً في المزابل وعلي عليه السلام حاضر، قال: نعم، فقالت: قد لزم
الخطاء لأحدهما، فقال: ان كنت خرجت من بيتك بغير اذن زوجك فعليك لعنة اللَّه وإلّا
فعليه، فقالت: خرجت عائشة لحرب علي باذن النبي صلى الله عليه و آله أم لا؟ فانقطع
ولم يحر جواباً [1] ثم قال
عليه السلام:
«فو الذي نفسي بيده!
لاتسألوني عن شيء فيما بينكم وبين الساعة، ولاعن فئة تهدي مئة وتضل مئة إلّا
أنبأتكم بناعقها [2]
وقائدها وسائقها، ومناخ [3] ركابها، ومحط رحالها، ومن يقتل من أهلها
قتلًا، ومن يموت منهم موتاً»
ربّما يتكهن الكثير من الناس بصورة كلية ومبهمة عن بعض حوادث المستقبل، وهذا
ما نلمسه بوضوح لدى الساسة الذين يتكهنون ببعض الامور التي قد تصيب وقد تخطىء.
إلّاأنّ أحداً لم يتمكن بالتكهن بدقائق الامور وأدنى التفصيلات وبالنسبة