responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : نفحات الولاية المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 10  صفحة : 184

وَتَوَسَّدَتْ‌ [1] كَفَّهَا».

وهذه إشارة إلى‌ أنّ الأشخاص المحبوبين عند اللَّه تعالى هم الذين يتحركون في سلوكهم اليومي من موقع أداء الفرائض الدينيّة والتكاليف الفردية والاجتماعيّة، وفي ساعات الليل يخلون مع ربّهم ويطرقون باب رحمته ويبتهلون إليه بالدعاء والمناجاة، وعندما يغلبهم النوم يقنعون باستراحة مختصرة، لا على‌ الفرش الوفيرة والغالية والوسادات الناعمة بل يضطجعون على الأرض ويضعون يدهم تحت رؤوسهم كوسادة.

وهذه إشارة إلى‌ أنّ العابد ليس هو الشخص الذي يقضي ليله ونهاره بالعبادة وهو قابع في زاوية البيت، بل العابد هو الشخص الذي يؤدّي فرائضه الفردية والاجتماعيّة في النهار، ويتجه في الليل إلى‌ اللَّه تعالى ويقوم بفروض الصلاة والعبادة، وقد ورد في حديث عن الإمام زين العابدين عليه السلام وأنّه قال:

«مَنْ عَمِلَ بِمَا افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَيْهِ فَهُوَ مِنْ أَعْبَدِ النَّاسِ» [2].

وبهذا المضمون وبشكل أشمل ورد في الحديث الشريفة عن النّبي الأكرم صلى الله عليه و آله أنّه قال:

«يَا عَلِيُّ ثَلَاثٌ مَنْ لَقِيَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ بِهِنَّ فَهُوَ مِنْ أَفْضَلِ النَّاسِ مَنْ أَتَى اللَّهَ بِمَا افْتَرَضَ عَلَيْهِ فَهُوَ مِنْ أَعْبَدِ النَّاسِ وَمَنْ وَرِعَ عَنْ مَحَارِمِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَهُوَ مِنْ أَوْرَعِ النَّاسِ وَمَنْ قَنِعَ بِمَا رَزَقَهُ اللَّهُ فَهُوَ مِنْ أَغْنَى النَّاسِ» [3].

وجملة

«افْتَرَشَتْ أَرْضَهَا وَتَوَسَّدَتْ كَفَّهَا»

إشارة إلى‌ غاية القناعة لدى هؤلاء بحيث إنّهم لا يطمعون في فرش مريحة ونوم هني‌ء، أضف إلى‌ ذلك أنّ مثل هذه الفرش ربّما تعيق الإنسان عن النهوض في أوقات السحر للعبادة والابتهال للَّه‌تعالى.

ثمّ يواصل الإمام عليه السلام كلامه في وصف حالات هؤلاء الأخيار ويقول: إنّ هؤلاء


[1]. «توسّد» من مادة «وسادة» بمعنى المتكأ والمخدة.

[2]. الكافي، ج 2، ص 84، ح 7.

[3]. من لا يحضره الفقيه، ج 4، ص 358، ح 5762.

اسم الکتاب : نفحات الولاية المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 10  صفحة : 184
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست