يجنون غالباً سوى الفشل والخسران والشقاء لأنّ الظالم حين يقوى لا تأخذه
رأفة ولا رحمة على غيره.
وعلى أيّة حال، فإذا كان الركن الذي يُعتمد عليه سبباً لمثل هذا الشقاء فمن
البديهي- ومن باب أولى- أن تكون تقوية الظلمة وإعانتهم سبباً لدخول الإنسان
النّار، ولهذا السبب فقد شدّدَ القرآن في النهي، وبكل صراحة، عن أيتعاون ومساعدة
على الظلم، وقال:
وقد انذرت الروايات الإسلامية بأشد العذاب والجزاء لمن يكون سبباً في تقوية
وتعزيز الظالم بأي شكل من الأشكال، حتى فيما لو وضع بين يديه القلم أو الدواة
لكتابة حكم فيه أي ظلم، وسنأتي على تبيان ذلك بإذن اللَّه في الموضع المناسب.
10- نسيان الآخرة
تتحدث سورة الجاثية عن هذا الجانب وتقول: «وَقِيلَ اليَوْمَ نَنْسَاكُمْ كَمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ
يَومِكُمْ هَذَا وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَالَكُمْ مِّن نَّاصِرِينَ». (الجاثية/ 34)
لا شك في أنّ نسيان محكمة العدل الإلهي في يوم القيامة يعتبر مصدر أنواع
الذنوب والمعاصي، والانغماس في مستنقع الظلم والرذيلة والفساد، وهذه الأعمال تؤدّي
إلى أن يعاملهم اللَّه معاملة الناسين، ولا شك أنّ احاطة اللَّه بكل شيء وعلمه
بكل شيء وفي كل زمان تجعل من مفهوم نسيانه أمراً لا معنى له، لكنه يعامل الناسين
معاملة النسيان، أي أنّه يقطع عنهم بالكامل لطفه ورحمته، فتنغلق عليهم كل سبل
النجاة، ولا يبقى أمامهم سوى هاوية جهنّم [1].
[1] ورد نفس هذا المعنى في سورة ص،
26؛ السجدة، 14.