وهناك تعبير آخر شديد اللهجة أيضاً ورد أيضاً في قوله تعالى: «وَامَّا القَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً». (الجن/ 15)
ويبيّن هذا التعبير أنّ نار جهنّم تستعر في داخل نفوسهم، وكما كانوا في هذه
الدنيا ناراً محرقة للمظلومين، يتحول كيانهم هناك في عالم تجسيد الأعمال إلى قطعة
من نار، ولا تعبير أبلغ وأفصح من هذا التعبير بشأن القوم الظالمين [1].
9- الركون إلى الظالمين
ليس الظلم وحده يؤدّي إلى ورود جهنّم المتوقدة بنار الغضب الإلهي، بل الركون
إلى الظالمين واعانتهم يؤدّي إلى ذلك أيضاً- كما صرح بذلك القرآن الكريم- وقد
جاء في الآية الشريفة: «وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى
الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَالَكُمْ مِّنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ
اوْلِيَاءَ ثُّمَ لَا تُنصَرُونَ». (هود/ 113)
كلمة «تركنوا» مشتقة من مصدر (الركون) والذي يعني في رأي أصحاب اللغة الاتكال على الشيء والميل
إليه، وهو مايستلزم اتصافه بالقوة والمقدرة، لأنّ الإنسان يتوكّل ويعتمد على ما
فيه القدرة، ولذلك تطلق كلمة «الركن» على العمود أو الجدار الذي يُقام عليه
البناء أو الأشياء الاخرى [2].
و تحمل الآية أعلاه عنواناً عاماً يطلق على كل الظلمة، وتشتمل أيضاً من خلال
تعبير «الركون» على أيَّ نوع من أنواع الارتباط والاعتماد على الظالمين، وتقول إنّ الجميع
سيقعون في نهاية المطاف في قبضة العذاب الإلهي، بل وإنّهم حتّى في هذه الحياة
الدنيا لا
[1]. ورد نفس هذا المعنى في سورة
سبأ، 42؛ الزخرف، 65؛ آل عمران، 151؛ المائدة، 129؛ إبراهيم، 22؛ مريم، 72؛
الأعراف، 41؛ الأنبياء، 29؛ والشورى، 45.
[2]. مصباح اللغة؛ صحاح اللغة؛
والتحقيق في كلمات القرآن الكريم.