و أخرى لا يكون كل واحد بنفسه علة مستقلة كما إذا كان البئر قصيرا أو السكين
غير حديد، و لم يكن كل منهما مستقلا سببا للتلف بل هما معا مؤثران في ذلك.
أما في الأخير فلا شك في اشتراك الأسباب في الضمان و أما في الأول ففيه أقوال
فعن جماعة كون الضمان على السابق، و قد يقال انه أشهر (كما في مفتاح الكرامة) و قد
يقال بالاشتراك في الضمان مطلقا، تقارنا أو تقدم أحدهما على الأخر، و هناك احتمال
ثالث و هو ان السبب الأقوى هو منشأ الضمان ففي مثال حفر البئر و نصب السكين الضمان
على ناصب السكين إذا كان قاطعا موجبا للهلاك (ذكره في مفتاح الكرامة احتمالا و لم
يذكر قائله و لكن مال هو اليه).
و المسألة غير منصوصة في روايات الباب و الظاهر ان الضمان عليهما إذا كان الاستناد
إليهما كما هو كذلك إذا كان كل واحد عدوانا، من دون فرق بين المتقدم و المتأخر، أو
المتقارنين، و العمدة فيه ما عرفت من صحة الاستناد إليهما جميعا، نعم إذا كان
أحدهما عامدا و الأخر غير عامد لا يبعد كون الضمان على العامد و العلة فيه ما عرفت
فتدبر.
التنبيه الثالث: لا فرق بين العلم و الجهل في الإتلاف
المعروف ان الإتلاف موجب للضمان سواء صدر عن علم و عمد، أو عن جهل و غفلة، حتى
في حال النوم، لإطلاق بعض الأدلة السابقة و ان كان بعضها مختصا بحال الاختيار، و
ما ذكره بعض أعاظم العصر من عدم ضمان النائم إذا انقلب و أتلف نفسا أو طرفا منها
لا في ماله و لا على عاقلته [1] قول تفرد به في مقابل القائلين بالضمان على النحو الأول أو
الثاني، فكأنه ناش عن عدم شمول أدلة القتل العمد و الخطأ