قد وقع الكلام بين الاعلام أيضا في ان الذي يعتبر في تحقق التجاوز عن محل
الشيء هل هو الدخول في مطلق الغير (بناء على اعتبار الدخول في الغير) و لو كان
مقدمة للجزء الآتي، كالهوي للسجود و النهوض للقيام، أو لا يكفي إلا الدخول في
الاجزاء الأصلية.؟
و المشهور عدم الاكتفاء بمطلق الغير و ظاهر الروايات أيضا ذلك، لظهور قوله
عليه السّلام:
«ان شك في الركوع بعد ما سجد فليمض و
ان شك في السجود بعد ما قام فليمض» في مقام التوطئة لذكر الكبرى الكلية بقوله: «كل
شيء شك فيه و قد جاوزه و دخل في غيره فليمض عليه» في ان الغير لا بد و ان يكون من
الاجزاء الأصلية و ان لا غير أقرب الى «الركوع» من «السجود» و الى «السجود» من
«القيام».
اللهم الا ان يقال ان ذكر المثالين ليس من جهة اعتبار الدخول في الاجزاء
الأصلية المستقبلة، بل من باب انهما مما يكثر الابتلاء بهما؛ و ان الشك في حال
الهوى أو النهوض نادر، فإنه يحصل عادة بعد ما استقر في الغير و قبله لا تغيب صورة
الفعل غالبا عن الذهن.
و يؤيد ما عليه المشهور رواية عبد الرحمن «قال قلت لأبي عبد اللّه عليه
السّلام رجل رفع رأسه من السجود فشك قبل ان يستوي جالسا فلم بدر أ سجد أم لم يسجد؟
قال: يسجد؛ قلت: الرجل نهض من سجوده فشك قبل ان يستوي قائما فلم يدر أسجد أم لم
يسجد قال سجد» [1] فان
المدار فيها الأجزاء الأصلية لا مقدماتها.
و لكن تعارضها رواية أخرى له عن ابى عبد اللّه عليه السّلام قال قلت له عليه
السّلام: رجل أهوى إلى السجود فلم يدر اركع أم لم يركع قال قد ركع» [2] فان ظاهر قوله:
أهوى إلى السجود عدم بلوغه حده.
و رواية فضيل بن يسار قال قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: استتم قائما فلا
ادرى ركعت أم لا؟ قال: بلى قد ركعت فامض في صلوتك فان ذلك من الشيطان [3].