اختاره بعضٌ بدعوى أنّه مقتضى الجمع بين الطائفتين، بشهادة خبر أبي بصير: سمعت
أبا عبد اللّه عليه السلام يقول في المرأة المتمتّعة إذا أحرمت و هي طاهر ثمّ حاضت
قبل أن تقضي متعتها:
«سعت و لم تطف حتّى تطهر، ثمّ تقضي
طوافها و قد قضت عمرتها، و إن أحرمت و هي حائض لم تسع و لم تطف حتّى تطهر» و في
الرضوي عليه السلام: «إذا حاضت المرأة من قبل أن تحرم- إلى قوله عليه السلام:- و
إن طهرت بعد الزوال يوم التروية فقد بطلت متعتها، فتجعلها حجّة مفردة، و إن حاضت
بعد ما أحرمت سعت بين الصفا و المروة و فرغت من المناسك كلّها إلّا الطواف بالبيت،
فإذا طهرت قضت الطواف بالبيت و هي متمتّعة بالعمرة إلى الحجّ، و عليها طواف الحجّ
و طواف العمرة و طواف النساء».
و قيل في توجيه الفرق بين الصورتين: أنّ في الصورة الاولى لم تدرك شيئاً من
أفعال العمرة طاهراً، فعليها العدول إلى الإفراد، بخلاف الصورة الثانية، فإنّها
أدركت بعض أفعالها طاهراً فتبني عليها و تقضي الطواف بعد الحجّ. و عن المجلسي قدس
سره في وجه الفرق، ما محصّله:
أنّ في الصورة الاولى لا تقدر على نيّة العمرة، لأنّها تعلم أنّها لا تطهر
للطواف و إدراك الحجّ، بخلاف الصورة الثانية، فإنّها حيث كانت طاهرة وقعت منها
النيّة و الدخول فيها.
الخامس: ما نقل عن بعض، من أنّها تستنيب للطواف ثمّ
تتمّ العمرة و تأتي بالحجّ، لكن لم يعرف قائله.
و الأقوى من هذه الأقوال هو القول الأوّل [1]، للفرقة الاولى من الأخبار الّتي
هي أرجح من الفرقة الثانية لشهرة العمل بها دونها؛ و أمّا القول الثالث و هو
التخيير، فإن كان المراد منه الواقعيّ بدعوى كونه مقتضى الجمع بين الطائفتين، ففيه
أنّهما يعدّان من المتعارضين و العرف لا يفهم التخيير منهما، و الجمع الدلاليّ فرع
فهم العرف من ملاحظة الخبرين ذلك، و إن كان
[1] الخوئي: بل الأقوى هو التفصيل بين ما إذا كان الحيض أو النفاس قبل
الإحرام فتُحرم لحجّ الإفراد فتأتي به ثمّ تعتمر عمرة مفردة و بين ما إذا كانت حال
الإحرام طاهرة ثمّ حاضت أو نفست و لم تتمكّن من الإتيان بالعمرة قبل الحجّ فهي
تتخيّر بين أن تعدل إلى الإفراد ثمّ تأتي بعمرة مفردة و بين أن تسعى و تقصّر و
تحرم للحجّ و بعد أداء مناسك منى تقضي طواف العمرة ثمّ تأتي بطواف الحجّ، و وجه
ذلك أنّ الرواية تعيّن العدول في الفرض الأوّل و لا معارض لها؛ و أمّا الفرض
الثاني ففيه طائفتان، ظاهر إحداهما تعيّن العدول و ظاهر الثانية المضيّ كما ذكر، و
الجمع العرفيّ بينهما قاضٍ بالتخيير