لا يجب و إن كان قادراً عليه عقلًا بالاكتساب و نحوه. و هل يكون اشتراط وجود
الراحلة مختصّاً بصورة الحاجة إليها، لعدم قدرته على المشي أو كونه مشقّة عليه أو
منافياً لشرفه، أو يشترط مطلقاً و لو مع عدم الحاجة إليه؟ مقتضى إطلاق الأخبار و
الإجماعات المنقولة الثاني، و ذهب جماعة من المتأخّرين إلى الأوّل، لجملة من
الأخبار المصرّحة بالوجوب إن أطاق المشي بعضاً أو كلًاّ، بدعوى أنّ مقتضى الجمع
بينها و بين الأخبار الأوّلة حملها على صورة الحاجة، مع أنّها منزّلة على الغالب،
بل انصرافها إليها؛ و الأقوى هو القول الثاني، لإعراض المشهور [1] عن هذه الأخبار
مع كونها بمرأى منهم و مسمع، فاللازم طرحها أو حملها على بعض المحامل، كالحمل على
الحجّ المندوب و إن كان بعيداً عن سياقها، مع أنّها مفسّرة للاستطاعة في الآية
الشريفة. و حمل الآية على القدر المشترك بين الوجوب و الندب بعيد، أو حملها على من
استقرّ عليه حجّة الإسلام سابقاً و هو أيضاً بعيد، أو نحو ذلك؛ و كيف كان، فالأقوى
ما ذكرنا و إن كان لا ينبغي ترك الاحتياط بالعمل بالأخبار المزبورة، خصوصاً
بالنسبة إلى من لا فرق عنده بين المشي و الركوب أو يكون المشي أسهل، لانصراف
الأخبار الأوّلة عن هذه الصورة، بل لو لا الإجماعات المنقولة و الشهرة لكان هذا
القول في غاية القوّة.
مسألة 2: لا فرق في اشتراط وجود الراحلة بين القريب و
البعيد [2] حتّى بالنسبة إلى أهل مكّة، لإطلاق الأدلّة؛ فما عن جماعة من عدم
اشتراطه بالنسبة إليهم، لا وجه له [3].
مسألة 3: لا يشترط وجودهما عيناً عنده، بل يكفي وجود
ما يمكن صرفه في تحصيلهما
[1] الخوئي:
لا لذلك، بل لأنّ الأخبار بين ما هو ضعيف و ما لا دلالة له؛ و أمّا دعوى الانصراف
فيما دلّ على وجوب الحجّ بالزاد و الراحلة فعهدتها على مدّعيها [2] مكارم
الشيرازي: قد مرّ عدم اعتبار الراحلة إلّا عند الحاجة إليها، لا سيّما بالنسبة إلى
أهل مكّة، و سيرة المسلمين من لدن زمن النبي صلى الله عليه و آله إلى زماننا هذا
قد استقرّت على خلافه، لوجود المشاة في الحاجّ دائماً، من دون فرق بين الواجب و
المستحبّ؛ و أمّا بالنسبة إلى أهل مكّة، فالأمر أظهر، لأنّ الاستطاعة بمقتضى الآية
الشريفة إنّما هو للوصول إليها، و هذا أمر حاصل بالنسبة إليهم، و لعمري أنّ الجمود
الّذي يُرى من بعض الأعاظم- رحمهم اللّه جميعاً- في هذا المقام عجيب، لا يساعد
عليه الأدلّة و لا فهم العرف [3] الگلپايگاني: لكنّه لا يُترك الاحتياط في من
أطاق منهم المشي إلى عرفات و العود منها بلا مهانة و لا مشقّة