و الذي يلفت النظر هو إنَّ القرآن يواجه هذه الافكار بمجموعة من الاستدلالات
المختلفة التي تنفع الفرد العادي كما تنفع العالم المتبحر، كلًا على قدر مستواه
العقلي.
و على الرغم من إنَّ شرح هذه الاستدلالات القرآنية يتطلب كتاباً منفصلًا،
فإنَّنا نبادر الى ذكر بعض نماذجها:
1- يخاطبهم القرآن في بعض آياته قائلا: إنَّكم
ترون بأم أعينكم مشاهد من المعاد في حياتكم اليومية، فترون كيف تموت الكائنات و
كيف تعود الى الحياة، فكيف تشكون في المعاد بعد كل هذا؟
اذا نظرنا في فصل الشتاء الى ملامح الطّبيعة فنرى أمارات الموت و علاماته
تنتشر في كل مكان، فالاشجار عارية من أوراقها و ثمارها. و تقف خشبة جرداء جافة،
فلا زهرة متفتحة، و لا برعم أخضر، و لا آثار للحياة تنبعث من جنبات الصحارى و سفوح
الجبال.
ثمّ يحل الرّبيع، و يلطف الجو، و هطول المطر المحيي من السماء، فيبعث الروح و
الحركة في النباتات و أزهارها الاشجار و تبرز البراعم و الزهو، و تبدأ الطيور تبني
أعشائها بين الأغصان، و تتجسد صورة البعث العارم في كل شيء!
فلولا الحياة بعد الموت ما كنا لنشهد هذا المشهد يتكرر كل عام. و لو كانت
الحياة بعد الموت مستحيلة، و يعتبر الكلام حولها جنوناً، لما كان هذا يتجسد