إنَّ الآثار الباقية من الانسان القديم، و خاصة من انسان ما قبل التاريخ، فيما
يتعلق بطراز تشييد القبور، و طريقة دفن الاموات، تدل جميعها على حقيقة اعتقادهم
بالحياة بعد الموت.
و عليه لا يمكن اعتبار هذه العقيدة العميقة الجذور في تاريخ البشر عقيدة
بسيطة، و لا كونها عادة لقنت لهم تلقينا.
إنَّنا كلما صادفنا في تاريخ الانسان عقيدة ذات جذور عميقة و مستمرة على
امتداد العصور، أدركنا أنَّها عقيدة فطرية، إذ إنَّ الفطرة وحدها هي التي تستطيع
أن تقاوم التغييرات و التحولات مرور الزمان الاجتماعية و الفكرية المختلفة، و تبقى
ثابتة. أمّا العادات و الرسوم الخارجية فما أسرع ما تتبدل أو يلفها النسيان بمرور
الزمان.
إنّك اذ تلبس النوع الفلاني من الملابس إنَّما أنت تساير العادات أو الرسوم
المتبعة، و هذا سرعان ما يعتريه التغيير و التبدل بمرور الزمان و عوامل أُخرى
كثيرة.
أمّا حبّ الأُم لطفلها فانَّه غريزة متمكنة جبلت عليها طبيعتها، لذلك لا
ينتابه أي تبدل مهما تغيرت الظروف و الأحوال، بل تظل شعلته ملتهبة، لا يخفف منه
تعاقب الايّام، و لا يحول لونه غبار النسيان، و كل جاذبية نابعة من داخل الانسان
فهي من الفطرة الكامنة فيه.
عند ما يقول العلماء:
«لقد أثبتت الدّراسات الدقيقة أن
الاقوام الأولى البدائية من البشر كانت تؤمن بنوع من الأديان وذلك