[الأمر] الثّاني- حدود نفوذ ولاية
الفقيه و اختيارات الولي الفقيه
لا أظنك تحسب أن معنى ولاية الفقيه على أمر الحكومة المستفادة من الأدلّة
السابقة أنه يفعل فيهم ما يشاء و يختار، و أن الأمّة من قبيل المماليك له، و أنه
يحكم فيهم بما يشاء و يفعل ما يريد، كلّا لم يرد هذا لا في نصّ و لا في دليل عقلي،
بل هو أمر غير معقول لا يقول به أحد، بل لولايته حدود و ثغور و شروط و قيود ليس له
أن يتعداها و لا أن يخرج من طورها.
1- مراعاة مصالح الأمّة
و أهمها ملاحظة مصالح الأمّة و منافعها و شرفها و عزّها، فليس للفقيه الخروج
عنها أبداً و إلّا خلع عنه لباس الولاية و سقط عن مقام الزعامة.
و الدليل على ذلك الرجوع إلى الأدلّة السابقة الدالّة على ولاية الفقيه، فإن
الفروع تؤخذ من أصولها، مضافاً إلى غيرها من الأدلّة.
أولها: أن الأخذ بالقدر المتيقن يرشدنا إلى ذلك، فإنه مبني على عدم جواز بقاء
الناس بلا رئيس يصلح أمورهم، و إلّا غلب الفوضى عليهم، و اختل النظام و فسدت
البيئة، و ظهر الفساد في البر و البحر، و لم يبق للدين و الدنيا زعامة و تسافل
الناس، فلا بدّ لهم من إمام لهذه الشئون، و حيث إنه ليس هناك دليل عام على صلاحية
كلّ أحد لذلك، فلا بدّ من الأخذ بالقدر المسلّم، و حيث إن الفقيه الجامع للشرائط
أخبر بمواضع الأحكام و مصدرها و مخرجها، و صلاح الأمّة و فسادها و احتمال الانحراف
عن منهج الحقّ فيه أقلّ فهو أحق من غيره.
و من الواضح أن هذا الدليل لا يقتضي إلّا تصديه لما فيه صلاح الأمّة.
و إن شئت قلت: إن الحكومة ليست من مخترعات الشريعة، بل كانت أمراً دائراً