فعلى هذا فَتح باب هذه العلوم في المحاكم الشرعية يوجب سلب اعتماد الناس عنها،
و قد يكون سبباً لأن تزلّ أقدام القضاة.
يؤيّده أيضاً أنّا لم نسمع في القضايا المنقولة عن النبيّ (صلى الله عليه و آله)
و وصيّه أمير المؤمنين و الأئمّة المعصومين من بعده (عليهم السلام) حكمهم بالمبادي
الحدسية و العلم الحاصل منها.
إن قلت: أ ليس ما مرّ في بعض الروايات عن أمير المؤمنين (عليه السلام) من فهم
صدق المرأة في دعواها ولادة الولد من زوجها الذي كان شيخاً كبيراً، بضعف الولد عن
القيام كسائر أترابه من الصبيان، من العلم الحاصل من المبادي الحدسيّة و مع ذلك قد
حكم (عليه السلام) بلحوق الولد بمثل هذا الزوج.
قلت: قد عرفت أنّ الحديث المذكور لا يخلو عن الإشكال سنداً و دلالةً، أمّا
الأوّل فلكونه مرسلًا، و أمّا الثّاني فلأنّ مجرّد ذلك قد لا يوجب العلم بولادة
الولد من أب هَرم. فلعلّ عدم قدرة الصبي عن القيام كان لمرض فيه أو ضعف من ناحية
أخرى.
فلا بدّ من حمله على محامل أخرى أو ردّ علمه إلى أهله، و لا يمكن الركون إليه
في مثل هذه المسألة.
أدلّة المانعين عن حجيّة علم القاضي
قد ظهر ممّا ذكرنا أثناء البحث السابق كثيرٌ من أدلّتهم: