«أحدهما»: كفاية الرضا التقديري
الحاصل في بعض شقوقه، و لم يستبعده لصدق طيب النفس عليه.
«ثانيهما»: عدم اشتراط الإنشاء في
المعاطاة، لا إنشاء الاباحة و لا التمليك، بل يكفي فيها مجرّد الرضا مع وصول كلّ
من العوضين إلى الآخر.
و لكن أشكل عليه على القول بالملكية في المعاطاة و لم يستبعده على القول
بالاباحة.
أقول: الانصاف أنّ ما ذكره في الصور الثلاث الاولى حق لا ريب فيها، و أمّا
الصوره الأخيرة فالرضا التقديري فيها بحكم الرضا الفعلي بلا إشكال، و الشاهد عليه
استقرار سيرة العرف و العقلاء على الاكتفاء به في كل ما يعتبر فيه الرضا و لعل
الأكل من بيوت من تضمنته الآية الشريفة من القرابة و الصديق من هذا الباب، و كذا
التصرف في أموال كثير من الناس في غيبتهم، و كذا إذا علم بخطإ المالك في العنوان،
كما إذا زعم أنّ الداخل في البيت رجل أجنبي، فزجره و أظهر عدم الرضا، و الحال أنّه
ولده، فان من الواضح أنّ الولد لا يعتني بهذا الزجر بل يعلم منه الرضا الباطني
الشأني الذي يتبدل بالفعلي بعد كشف عنوان الموضوع، سواء طال الزمان أم قصر.
و أمّا كفاية مجرّد هذا الرضا في المعاطاة فممنوع جدّا، سواء قلنا بالملك فيها
أو بالاباحة المعوضة، نعم الإباحة المجرّدة عن عنوان المعاوضة حاصلة، و لكن مثلها
خارج عن عنوان المعاطاة، و لا ينبغي عدّها منها.
و الحاصل: أنّ العمدة في المسألة أنّ المتبع صدق عنوان البيع، أو قيام الإجماع
على الصحة، أمّا الأول فهو غير حاصل بدون قصد الإنشاء، و أمّا الثاني فلم يثبت على
الصحة في موارد الرضا الخالي عن قصد الإنشاء، و ما قد يظهر من بعض الكلمات من
استقرار السيرة على القناعة بمثل هذا الرضا المرتكز في النفوس كما في صاحب الحمام
و غيره ممن لا يحضر عن المعاملة، ففيه ما قد عرفت سابقا من أنّ الإنشاء في أمثال
ذلك موجود، فمن يفتح باب دكانه أو حمامه و يأذن لكل أحد أن يأخذ شيئا معينا بازاء
وجه معلوم، فقد انشأ إنشاء عاما فعليا لهذه المعاملة، و يجوز للمشتري قبوله بفعله
و عمله، فتتم أركان البيع أو الاجارة المعاطاتية أو غيرهما.
و هذا بخلاف الرضا الحاصل بعد إنشاء البيع الفاسد، سواء كان رضى فعليا أو
تقديريا.