1- الفقه
الإسلامي يتكفل بيان جميع الأحكام التي تمسّ علاقات الإنسان في حركة الحياة بنحو
من الانحاء، علاقته مع اللّه، علاقته مع الناس، علاقته مع عالم الخلقة و الطبيعة،
علاقته مع نفسه، فعلى هذا لا يخلو شيء من أعمال الإنسان صغيرها و كبيرها، حتى
نواياه الباطنية، عن حكم فقهي.
و هذه
الدائرة الواسعة جدّا للفقه الإسلامي تكشف عن عظمته من جانب، و عن معضلات الفقهاء
و المجتهدين و جهودهم في حلّ مشاكله من جانب آخر، و إليه يشير ما ذكره شيخنا
الأعظم قدّس سرّه في بعض كلماته: «الاجتهاد هو أشدّ من طول الجهاد ...»!
فعلى جميع من
يقصد ورد هذا الميدان التهيؤ للجهاد الشديد و ذلك بوقف العمر و جميع القوى
الجسمانية و الروحانية في هذا السبيل، مع تحمل مرارة العيش و المشاق الكثيرة، و من
الواضح أنّ النتائج المترتبة عليه أيضا عظيمة، و مقترنة بالعنايات الإلهية و
التأييدات الربانيّة.
2- إنّما
تدوم عظمة الفقه الإسلامي و يتقدم و ينمو في ضوء فتح باب الاجتهاد في جميع
الأعصار، و عدم حصره بزمن معين و جمع خاص من المتقدمين، كما تدلّ عليه جميع الأدلة
الواردة في الكتاب و السنّة الناظرة إلى هذا المعنى، فليس فيها أي أثر من مزعمة
حصر الاجتهاد و استنباط الأحكام عن أدلتها في قوم أو أفراد معينين.