و التجارة لا يتفاوت فيه الفقيه و غيره ممن كان عادلا لا الفساق و أهل الفجور
لانصراف النصوص عنهم، فهذا على خلاف المطلوب أدل.
و «ثالثا»: ظاهر الأدلة السابقة كون الفقيه منصوبا فعلا لا اقتضاء (سواء
الدليل العقلي و النصوص العشرة السابقة و غيرها) و ليس فيها من الاقتضاء عين و لا
أثر.
و «رابعا»: ظاهر ما عرفت من نهج البلاغة كفاية بيعة الحاضرين بل و كفاية بيعة
أهل الحل و العقد من المهاجرين و الأنصار، و لا خيار لغيرهم، فهي لا تنطبق على
موضوع الانتخاب في عصرنا كما هو واضح جدّا.
و بالجملة التمسك بروايات البيعة لتصحيح الانتخاب المتداول بين أهل العصر أوهن
من بيت العنكبوت.
و إذ قد ثبت بحمد اللّه أصل ولاية الفقيه بالنسبة إلى أمر الحكومة ممّا عرفت
من الأدلة، فلنرجع إلى الفروع المتعلقة بها.
الثالث و الرابع: حدود نفوذ ولاية الفقيه و شرائطه
لا أظنّك تحسب أنّ معنى ولاية الفقيه على أمر الحكومة المستفادة من الأدلة
السابقة أنّه يفعل فيهم ما يشاء و يختار، و أنّ الامة من قبيل المماليك له، و أنّه
يحكم فيهم بما يشاء و يفعل ما يريد، كلّا لم يرد هذا لا في دليل عقلي، بل هو أمر
غير معقول لا يقول به أحد، بل لولايته حدود و شرائط و قيود ليس له أن يتعداها و لا
أن يخرج من طورها:
1- مراعاة مصالح الامة
و أهمها ملاحظة مصلحة الامة و منافعها و شرفها و عزّها، فليس للفقيه الخروج
عنها أبدا و إلّا خلع عنه لباس الولاية و نزل عن مقام الزعامة.
و الدليل على ذلك الأدلة السابقة الدالة على ولاية الفقيه، فانّ الفروع تؤخذ
من اصولها، مضافا إلى غيرها من الأدلة.