الصبي، و لكن صرح شيخنا الأعظم قدّس سرّه بكفاية عدم المفسدة، وفاقا لجمع من
الاساطين، و يظهر من بعض الروايات السابقة جواز المضرة أيضا.
قلت: أمّا احتمال جواز التصرف و لو مع الضرر على الولد فهو مبني على ما عرفت
من القول بكون الولد و ماله للوالد، و قد عرفت عدم إمكان المساعدة معها، و أنّه
حكم استحبابي أخلاقي، أو محمول على حال الضرورة و الحاجة التي يجوز فيها للأب أخذ
نفقته من مال ولده.
فيبقي القولان الأولان، و الظاهر أنّ مقتضى القاعدة عدم جواز التصرف في غير
مورد المصلحة، لأن الأصل عدم الولاية، مضافا إلى ما قد عرفت من أنّ أصل هذا الحكم
مأخوذ من بناء العقلاء و إمضاء الشارع، و من المعلوم أنّ ملاكه عندهم حفظ مصالح
الولد، لا مصالح الأب و الجد، فكل ما ليس لا يكون في مصلحة فهو غير نافذ، نعم قد
اجيز للناظر في أموال اليتامى أن يأكل منه بالمعروف (كما يظهر من الآية و
الروايات) ففي الأب بطريق أولى.
لكن الظاهر أنّه أيضا من باب حفظ مصلحة اليتيم لئلا يكون عمل القائم بأمره
خاليا عن العوض فيرغب عن حفظ أمواله، و لعل ما ورد من جواز الاستقراض من مال
اليتيم أو الاتّجار بماله أيضا من هذا الباب [1]. و من هنا يظهر أنّ الأخذ باطلاق روايات
الولاية لإثبات جواز التصرف بغير مفسدة كما يظهر من بعض كلمات شيخنا الأعظم قدّس
سرّه في غير محله بعد انصرافها إلى ما عند العقلاء و بالجملة لو لم يكن هذا الشرط
أقوى فلا أقل من أنّه أحوط.
و قد يستدل له أيضا بقوله تعالى: وَ لا
تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ*[2]. لأنّها تشمل الجدّ إذا كان الطفل يتيما، و
لكن النسبة بينها و بين روايات الباب بناء على اطلاقها عموم من وجه، و لعل الترجيح
مع الاطلاق، فتأمل.
و يدلّ على أصل الحكم أيضا اطلاق ما ورد في باب الحجر، مثل:
و ما روى هشام عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: «انقطاع يتم اليتيم بالاحتلام
و هو أشده، و إن احتلم و لم يؤنس منه رشده و كان سفيها أو ضعيفا فليمسك عنه وليّه
ماله» [3].
[1]. وسائل الشيعة، ج 12، الباب 76 من
أبواب ما يكتسب به، ح 1.