أقول: يرد على الأوّل أنّه لا مانع من إثبات الحكم بدليل لا ضرر كما يجوز
نفيه، و قد حققناه في قاعدة لا ضرر من «القواعد الفقهية» و لا يلزم منه فقه جديد و
لا عدم استقرار حجر على حجر، و إنّما يلزم ذلك من تخيل لزوم نفي كل ضرر يوجد في
العالم كالإضرار الحاصلة من السيل و الزلزلة و نقص الأموال و الأنفس و الثمرات، و
لكن المستفاد من القاعدة بناء على التعميم إنّما هو نفي الضرر الحاصل من ناحية
تشريعات الشارع إثباتا و نفيا، لا الاضرار غير المستندة إليه، و لكن الايراد
الثاني وارد عليه، لأن المدار في التسبيب كون المباشر بحيث لا يسند إليه الفعل، و
من الواضح أنّ الفعل يستند إلى المشتري هنا أيضا و إن كان مغرورا، و لو لم يستند
إليه الفعل لما صح الرجوع إليه مطلقا، بل كان اللازم الرجوع إلى الغاصب فقط، و إن
كان يظهر من المحقق قدّس سرّه في الشرائع فيما عرفت من قوله «و قيل يضمنه الغاصب
لا غير لأنّه سبب الاتلاف و مباشرة المشتري مع الغرور ضعيفة فيكون السبب أقوى»
وجود قول بذلك.
و لكن صرّح في مفتاح الكرامة «بأنه لم يجد هذا القول لأحد من أصحابنا بعد
التتبع، و إنّما هو قول الشافعي في القديم و بعض كتب الجديد ... و المشهور عند
الشافعي الأوّل» [1].
و لازم هذا القول اتحاد موردي قاعدة الغرور مع التسبيب و كان كل غار سببا دون
المغرور، و هو بعيد جدّا.
فتلخص أنّ العمدة هو قاعدة الغرور و الضرر، أمّا عبارة «المغرور يرجع إلى من
غرّه» و إن لم يثبت كونه حديثا كما أشرنا إليه في محله (عدا ما يستفاد من بعض
عبائر صاحب الجواهر و المحقق الثاني قدّس سرّهما و لكن يبعد عثورهما على ما لم
يعثر عليه غيرها).
و لكن تستفاد هذه القاعدة من أحاديث خاصة واردة في مختلف أبواب الفقه، مضافا
إلى بناء العقلاء عليه و دعوى الإجماع، و توضيح هذا الكلام في كتاب القواعد
(القاعدة 13).
أمّا الروايات، فيدل عليه ما رواه جميل بن دراج عن أبي عبد اللّه عليه
السّلام: «في الرجل يشتري الجارية من السوق فيولدها ثم يجيء مستحق الجارية، قال:
يأخذ الجارية