و الظاهر أنّ ذكر المسألة في باب الطلاق لشدّة الابتلاء بها هناك، كما أنّ
ظاهر كلام أبي حنيفة صحة الإيقاعات من المكره، و كذا العقود الجائزة، و كأنه اعتبر
الرضا في خصوص العقود التي لا يمكن جبران الكراهة فيها بالفسخ و إن كان قوله باطلا
قطعا.
و سيأتي أنّ كلمات القوم غير محررة في المقام، و أنّ الذي يفقده المكره هو
القصد إلى مدلول العقد، أو قصد الجدّ، أو خصوص الرضا؟ و من هنا وقع التضارب و
التهافت في كلماتهم حتى لمثل الفقيه الماهر صاحب الجواهر قدّس سرّه.
و لكن لا بدّ من أن نتكلم أولا في دليل المسألة، ثم نبحث عن الذي يفقده عقد
المكره، فنقول و منه سبحانه نستمد التوفيق و الهداية:
استدلوا على اعتبار هذا الشرط، أي الاختيار بعد الإجماع بأمور:
دلّ صريحا على اعتبار الرضا و أنّ ما ليس كذلك كان من الأكل بالباطل، فيدلّ
على المقصود باعتبار الاستثناء و المستثنى منه كليهما، و الظاهر أن الاستثناء هنا
منقطع، لأنّ فيه الرضا ليس أكلا بالباطل.
2- النهي عن أكل المال بالباطل من دون ذكر التراضي في قوله تعالى: وَ لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ[2] و ذمّه تعالى
اليهود على أكلهم أموال الناس بالباطل [3] و كذا الأحبار و الرهبان و أنّهم: لَيَأْكُلُونَ أَمْوالَ النَّاسِ بِالْباطِلِ[4].
كل ذلك شاهد على المطلوب.
3- ما دلّ على اعتبار طيب النفس و الرضا في حلّية أموال مثل قوله صلّى اللّه
عليه و آله في الحديث المعروف: «لا يحلّ مال امرئ مسلم إلّا عن طيب نفسه».