إن قلت: إنّما يصح ذلك في خصوص الموارد التي يكون الثمن و المثمن و البائع و
المشتري معلومة كما في اشتراء البقل أو اجرة الحمامي و ليس جميع الموارد كذلك، فقد
لا يكون البائع أو المشتري معينا بل و لا مقدار الثمن كما لا يخفي.
قلت: أمّا معلومية البائع و المشتري بشخصهما فغير لازم، كما إذا لم يكن
الحمامي حاضر و كذا صاحب البقل، و أمّا معلومية العوضين فهي حاصلة إلّا في بعض
الموارد، و فيه أيضا يعلم بعد رجوع الصبي إلى وليه و أعلامه بالحال، و حينئذ يتحقق
منه الإنشاء و يكون الصبي في هذا الحال كالآلة، و الإنشاء الفعلي حاصل هنا من
الطرفين، و لا يرد عليه الإشكال من ناحية الموالاة بين الإيجاب و القبول بعد ما
عرفت في المباحث السابقة من كفاية هذا المقدار.
و قد يستدل هنا أيضا بروايتين:
إحداهما: مروية من طريق العامة من أن أبا الدرداء اشترى عصفورا من صبي فأرسله،
و لذا ذهبت الحنابلة إلى صحة بيع الصبي في الأشياء اليسيرة و لو لم يأذن وليه، كما
حكي عنهم و حكي عن الشافعية خلافه.
و فيه: إن فعل أبي الدرداء لا يكون دليلا، مضافا إلى عدم صحة سند الحديث و
يمكن حمله على عدم كون الصبي مالكا، بناء على عدم تأثير حيازته، و إنّما اشتراه
ظاهرا ليطيب قلبه.
ثانيهما: ما ورد من النهي عن كسب الغلام الصغير الذي لا يحسن صناعة بيده معللا
بأنّه «إن لم يجد سرق» و هو ما رواه النوفلي عن السكوني عن أبي عبد اللّه عليه
السّلام قال: «نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عن كسب الإماء فانّها أن لم
تجد زنت، إلّا أمة قد عرفت بصنعة يد، و نهى عن كسب الغلام الصغير الذي لا يحسن
صناعة بيده فانه أن لم يجد سرق» [1].
و فيه: أولا: أنّ في سنده النوفلي و السكوني و كلاهما محل كلام.
[1]. وسائل الشيعة، ج 12، الباب 33 من
أبواب ما يكتسب به، ح 1.