و الأكثر لاشتمال المثل على القيمة مع إضافة الأوصاف كان مقتضى القاعدة الأخذ
بالأقل و هو القيمة.
هذا و الأقوى من بين هذا الوجوه هو القول بتخيير المالك، و ذلك لأنّ المقام من
موارد قاعدة الاشتغال، لأن شغل الذمّة بالعين التالف معلوم، و لا بدّ من الخروج عن
عهدته، و لا يعلم الخروج منه بأداء المثل أو القيمة، و لا يجب عليه الاحتياط
بالجمع بينهما لقاعدة نفي الضرر، و لا تحصل البراءة بتخيير الضامن، فلا يبقي إلّا
تخيير المالك، و إن شئت قلت: إذا جعل الضامن المثل و القيمة تحت اختيار المالك، و
قال: اختر ما شئت، فقد برئت ذمّته ممّا عليه من الضامن على كل تقدير.
هذا و لكن يرد الإشكال عليه: بأن الضامن و إن كانت ذمته تبرأ بذلك، و لكن كيف
يجوز للمالك أن يختار مالا يعمله أنّه حقه؟ فعلى الضامن أن يخيّره، و على المالك
أن لا يختار!
فلا يبقي طريق لتخلصهما عما عليهما من الوظيفة إلّا بالتصالح بأحدهما.
اللّهم إلّا أن يقال: إنّ قاعدة الأقرب إلى التالف فالأقرب الجارية في ضمان
التالف تقتضي المثل أولا، إنّما يتعدى منه إلى القيمة إذا ثبت كونه قيميا، و حيث
لم يثبت في المقام فالأصل هو الأخذ بالمثل، و هذا هو الأحوط لو لم يكن أقوى.
الأمر السادس: إذا لم يوجد المثل إلّا بأكثر من قيمته
المثل قد يوجد بأقل من المثل، و قد يوجد بأكثر منه ممّا يكون مجحفا أو غير
مجحف، و قد يكون ساقطا عن القيمة لوفوره كالماء على الشاطي، فهذه صور ثلاث.
لا ينبغي الشك في عدم كفاية المثل في الأخير لأنّه لا يقوم مقام التالف قطعا و
وجوده كالعدم، لكثرة الوجود، و حينئذ ينتقل إلى القيمة، و لا يبعد قيمة يوم التلف
كما سيأتي إن شاء اللّه، و ما احتمله بعضهم من كفاية المثل حينئذ كما ترى.
أمّا إذا وجد بأقل منه لنقصان القيمة السوقية، فالظاهر كفايته في الجملة، و قد
ذكر السيد قدّس سرّه في الحاشية: «أنّ الظاهر إجماعهم على ذلك، و أنّه مطابق
للقاعدة أيضا، إذ لا فرق بين المقام و سائر الموارد التي يكون في ذمّته كلي من
حنطة أو شعير أو نحو ذلك