و إن شئت قلت: إنّه من قبيل الإباحة المعوضة بالنسبة إلى المنافع.
فالضمان ثابت على كل حال، و إنّما التفاوت في ضمان المسمى أو المثل، ففي صورة
الجهل يثبت ضمان المثل، و في صورة علمهما و رضاهما يثبت ضمان المسمى، (فتدبّر).
اشارة إلى قاعدة «الخراج بالضمان»:
هذا و الدليل على القول الثاني، أعني الضمان، و هو القاعدة المعروفة عند
المخالفين غير الثابتة عندنا: «الخراج بالضمان» و قد ذكرناها بالتفصيل في كتابنا
«القواعد الفقهية» و نشير هنا إلى ملخصها:
فنقول: إن مفاد هذه القاعدة و مغزاها أنّ «كل من ضمن شيئا و انتفع به كانت هذه
المنافع له بغير عوض، في مقابل ضمانه لأصل العين».
هذا هو المشهور بين العامة، و لكن الخاصة لم يوافقوا عليه إلّا في موارد خاصة
تدل عليها أدلة اخرى، ستأتي الإشارة إليها إن شاء اللّه، و يظهر ممّا حكي عن أبي
حنيفة و غيره، عموم القاعدة عندهم حتى في موارد الغصب و البيع الفاسد، كما صرّح به
في قضية أبي ولاد المعروفة في قصة «كراء البغل» الذي جاوز به الحد الذي أجازه
المالك.
و على كل حال يمكن الاستدلال لهذه القاعدة بطائفتين من الروايات:
الطائفة الاولى: ما حكي عن طريق الجمهور من قضائه قدّس سرّه «الخراج بالضمان»
الذي رووه بطريق مختلفة [1] كلها تنتهى إلى «عائشة»، و في طريقها «عروة بن الزبير» و لكنها رويت تارة
مجرّدة عن كل شيء، مثل ما رواه أحمد في مسنده عنها عن النبي قدّس سرّه قال:
و اخرى في ذيل مسألة بيع المعيب، مثل ما روته هي: أن رجلا اشترى عبدا فاستغله
ثم وجد به عيبا فردّه، فقال: يا رسول اللّه قدّس سرّه إنّه قد استغل غلامي. فقال
رسول اللّه قدّس سرّه: