responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الامثل في تفسير كتاب الله المنزل المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 9  صفحة : 76

بحوث‌

1- هل أبدى الرّسول ليونة إزاء المشركين؟

بالرغم من أنّ بعض السطحيين أرادوا الاستفادة من هذه الآيات لنفي العصمة عن الأنبياء، و قالوا أنّه طبقا للآيات أعلاه و أسباب النّزول المرتبطة بها إنّ الرّسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قد أبدى ليونة إزاء عبدة الأصنام، و أنّ اللّه عاتبه على ذلك. إلّا أنّ هذه الآيات صريحة في افهام مقصودها بحيث لا تحتاج إلى شواهد أخرى على بطلان هذا النوع من التفكير، لأنّ الآية الثّانية تقول و بصراحة: وَ لَوْ لا أَنْ ثَبَّتْناكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلًا. و مفهوم التثبيت الإلهي (و الذي نعتبره بأنّه العصمة) أنّه منع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم من التوجه إلى مزالق عبدة الأصنام، و لا يعني ظاهر الآية- في حال- أنّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم مال إلى المشركين، ثمّ نهي عن ذلك بوحي من اللّه تعالى.

و توضيح ذلك، إن الآية الأولى و الثّانية هما في الحقيقة إشارة إلى حالتين مختلفتين للرّسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، الحالة الأولى هي الحالة البشرية و الإنسانية و التي تجلّت بشكل واضح في الآية الأولى، و بمقتضى هذه الحالة يمكن تأثير وساوس الأعداء في الرّسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم خاصّة إذا كانت ثمّة مرجحات في إظهار الليونة و التوجّه إليهم، من قبيل رغبته صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في أن يسلم زعماء الشرك بعد إظهار الليونة، أو أن يمنع بذلك سفك الدماء، و الآية تكشف عن احتمال وقوع الإنسان العادي و مهما كان قويا تحت تأثير الأعداء.

أمّا الآية الثّانية فهي ذات طبيعة معنوية، إذ هي تبيّن العصمة الإلهية و لطفه الخاص سبحانه و تعالى الذي يشمل به الأنبياء خصوصا نبي الإسلام صلّى اللّه عليه و آله و سلّم حينما يمر بمنعطفات و مزالق دقيقة.

و النتيجة أنّ الرّسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بالطبع البشري قد وصل إلى حافة القبول ببعض وساوس الأعداء، إلّا أن التأييد الإلهي (العصمة) ثبته و حفظه و أنقذه من الانزلاق.

اسم الکتاب : الامثل في تفسير كتاب الله المنزل المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 9  صفحة : 76
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست