و هناك أسباب أخرى للنزول تشبه الآراء التي ذكرناها.
أقول: لا حاجة لبيان ضعف هذه الآراء إذ أنّ بطلان أكثر هذه الآراء كامن فيها،
لأنّ مجيء وفود القبائل إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و طلباتهم و
تحطيم الأصنام، كل هذه الأمور إنّما تمّت بعد فتح مكّة في العام الثّامن للهجرة،
في حين أنّ هذه السورة نزلت قبل هجرة الرّسول، و في وقت لم يكن فيه صلّى اللّه
عليه و آله و سلّم يمتلك القدرة الظاهرية التي تفرض على المشركين التواضع لمقامه،
و سوف نقوم بتوضيح أكثر لا حقّا.
التّفسير
بما أنّ الآيات السابقة كانت تبحث حول الشرك و المشركين، لذا فإنّ الآيات التي
نبحثها تحذّر الرّسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم من وساوس و إغواءات هذه
المجموعة، حيث لا يجوز أن يبدي أدنى ضعف في محاربة الشرك و عبادة الأصنام، بل يجب
الاستمرار بصلابة أكبر.
في البداية تقول الآية أنّ وساوس المشركين كادت أن تؤثر فيك: وَ إِنْ كادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنا
إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنا غَيْرَهُ وَ إِذاً لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلًا.
ثمّ بعد ذلك تضيف أنّه لو لا نور العصمة و أنّ اللّه تعالى ثبّتك على الحق:
و أخيرا لو أنّك ركنت إليهم فسوف يكون جزاءك ضعف عذاب المشركين في الحياة
الدنيا، و ضعف عذابهم في الآخرة: إِذاً
لَأَذَقْناكَ ضِعْفَ الْحَياةِ وَ ضِعْفَ الْمَماتِ ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنا
نَصِيراً.