و هذا التعبير نفسه نقرأه في سورة يوسف حيث جاء البرهان الإلهي في أدق اللحظات
و أخطرها، في مقابل الإغواء الخطير و غير الاعتيادي لامرأة العزيز، حيث قوله تعالى
في الآية (24) من سورة يوسف: وَ لَقَدْ
هَمَّتْ بِهِ وَ هَمَّ بِها لَوْ لا أَنْ رَأى بُرْهانَ رَبِّهِ، كَذلِكَ
لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَ الْفَحْشاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا
الْمُخْلَصِينَ.
و في اعتقادنا أنّ الآيات أعلاه ليست لا تصلح أن تكون دليلا على نفي العصمة و
حسب، بل هي واحدة من الآيات التي تدل على العصمة، لأنّ التثبيت الإلهي هذا (و الذي
هو كناية عن العصمة أو التثبيت أو التثبيت الفكري و العاطفي و السلوكي) لا يخص فقط
هذه الحالة، و هذا الموقف، بل هو يشمل الحالات المشابهة الأخرى، و على هذا الأساس
تعتبر الآية شاهدا على عصمة الأنبياء و القادة الإلهيين.
أمّا الآية الثالثة التي نبحثها و التي تقول: إِذاً لَأَذَقْناكَ ضِعْفَ الْحَياةِ وَ ضِعْفَ الْمَماتِ
ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنا نَصِيراً فهي
دليل على صحة البحوث الخاصّة بعصمة الأنبياء، حيث أنّ العصمة ليست حالة جبرية
يلتزم فيها النّبي بلا ارادة منه أو وعي، و إنّما هي توأم مع نوع من الوعي الذاتي
و التي تنفذ مع الحرية، لذا فإنّ ارتكاب ذنب في مثل هذه الحالات ليس محالا عقلا، و
لكن هذا الإيمان و الوعي الخاص سوف يمنعان صدور الذنب، فلا تتحقق المعصية عملا، و
لو فرضنا تحققها في الخارج فإنّه سينال عقوبات الجزاء الإلهي (دقق في ذلك) [1].
2- لماذا العذاب المضاعف؟
من الواضح أنّه كلما زاد مقام الإنسان من حيث العلم و الوعي و المعرفة و
الإيمان، ازدادت قيمة و عمق الأعمال الخيرة التي يقوم بها، و بدرجة نسبة
[1]- يمكن ملاحظة المزيد من التفاصيل
عن الموضوع في كتاب (القادة الكبار).