مرّة أخرى نواجه الحروف المقطعة في بداية هذه السورة، و التي تثير حبّ
الاستطاع لدى الإنسان:
لقد بحثنا في تفسير الحروف المقطعة في القرآن في بداية ثلاث سور بحثا كافيا [1]، غير أنّنا نرى
أن من اللازم أن نضيف هنا هذا المبحث، و هو أن من الممكن أن يكون لكل هذه الحروف
المقطعة- أو على الأقل لقسم منها- معان و مفاهيم خاصّة، تماما كالكلمة الواحدة
التي تتضمّن محتوى معينا.
إنّنا نلاقي في كثير من الرّوايات و كلمات المفسّرين في بداية هذه السورة و
سورة «يس» هذا البحث، و هو أن «طه» تعني: يا رجل، و نرى كلمة «طه» في بعض شعر
العرب أيضا، و لها معنى شبيه ب (يا رجل) أو قريب منه، و يمكن أن تعود هذه الأشعار
إلى بداية ظهور الإسلام، أو إلى ما قبل الإسلام [2].
و قد نقل لنا أحد المطلعين أن بعض علماء الغرب الملمين بالدراسات الإسلامية،
يعممون هذه النظرية على كل الحروف المقطعة في القرآن، و يعتقدون أن الحروف المقطعة
في بداية كل سورة هي كلمة لها معنى خاص، أصبح بعضها متروكا مع مرور الزمن، و وصل
إلينا البعض، و إلّا فإنّ من المستبعد أن مشركي العرب يسمعون الحروف المقطعة و لا
يفهمون منها شيئا، و لا يدركون لها معنى، ثمّ لا نراهم يسخرون و لا يستهزءون منها،
في حين أنّه لا يرى و لا يلاحظ في أي من التواريخ أنّ هؤلاء الحمقى المتتبعين
للعيوب و الهفوات قد اتخذوا الحروف المقطعة وسيلة للقيام بردود فعل ضدها و ضد
الإسلام.
و طبعا من الصعب قبول هذا الرأي بصورة عامّة، و بالنسبة إلى كل حروف
[1]- بداية سورة البقرة و آل عمران و
الأعراف من التّفسير الأمثل.