من الواضح أنّ بحث إبراهيم لم يكن في المسائل المرتبطة بفروع الدين، بل كان
يتحدث عن أهم أصل من أصول الدين، و لكن حتى في مثل هذه المسائل أيضا يجب الاستعانة
و الاستفادة من إرشادات العالم، لتحصل الهداية إلى الصراط السوي، الذي هو الصراط
المستقيم.
3- سوره الرحمة و التذكير
لقد وردت جملة (و اذكر) خمس مرات عند الشروع بذكر قصص الأنبياء العظام و مريم،
و لهذا السبب يمكن تسمية هذه السورة بسورة (التذكير) .. ذكر الأنبياء، و الرجال و
النساء العظام؛ و حركتهم التوحيدية، و جهودهم في طريق محاربة الشرك و عبادة
الأصنام و الظلم و الجور.
و لما كان الذكر عادة بعد النسيان، فمن الممكن أن يكون إشارة إلى أن جذور
التوحيد و عشق رجال الحق و الإيمان بجهادهم من أجل إحقاق الحق حية في أعماق روح كل
إنسان، و إن الكلام عن هؤلاء في الحقيقة نوع من الذكر.
و قد ورد وصف اللّه ب «الرحمان» ست عشرة مرّة في هذه السورة، فإنّ السورة تبدأ
بالرحمة، رحمه اللّه بزكريا، رحمة اللّه بمريم و المسيح، و كذلك تنتهي السورة بهذه
الرحمة حيث تقول في أواخرها: إِنَّ
الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا»[1].